التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
٤
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ
٥
سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ
٦
-المنافقون

تفسير كتاب الله العزيز

قال تعالى: { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } يعني في المنظر والهيئة { وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } أي: من قولهم بما أقروا به وادعوه { كَاَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } أي: إنما هم أجساد ليست لهم نية ولا حسبة في الخير.
ثم وصف جبنهم وجزعهم فقال: { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } حذراً من القتال وجبناً عنه، ليست لهم نية في الجهاد.
ثم انقطع الكلام، ثم قال: { هُمُ الْعَدُوُّ } الأدنى إليك { فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ } أي لعنهم الله { أَنَّى يُؤْفَكُونَ } أي: كيف يُصَدّون عن الإِيمان.
قوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ } أي: أخلصوا الإِيمان { يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } أي: أعرضوا عن ذلك { وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ } أي: عن دين الله وعن الحكومة إلى نبي الله والمؤمنين، ويدعون إلى المحاكمة إلى وثن بني فلان الذي كان أهل الجاهلية يتحاكمون إليه. كقوله تعالى:
{ وَإِذَا دُعُواْ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ } [النور:48] وكقوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَآ أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } [النساء:61]. قال: { وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } أي: إنهم أهل كبر وعظمة وأَنَف.
قال تعالى: { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الفَاسِقِينَ } أي فسق النفاق، وهو فسق دون فسق، وفسق فوق فسق. فأخبر الله أنهم يموتون على النفاق ومقيمون عليه، فلم يستحِلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لهم بعد ذلك.
قال بعضهم: لما نزلت الآية التي في براءة:
{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ } [التوبة:80] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد خيّرني ربي فلأزيدن على السبعين" . فنزلت هذه الآية في المنافقين: { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الفَاسِقِينَ } أي: لا يكونون بالفسق والنفاق مهتدين عند الله.