التفاسير

< >
عرض

هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ
٧
يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
٨
-المنافقون

تفسير كتاب الله العزيز

قال تعالى: { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ }.
تفسير الحسن: إنه كان بين عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين وبين رجل من المسلمين من فقرائهم قول، فقال: يا رسول الله ما لهم، ولّى الله أمرهم فلاناً، يعني ذلك الرجل وأصحاب فلان. ثم نظر إلى أصحابه فقال: أما والله لو كنتم تمنعون أطعمتكم هؤلاء الذين حصروا أطعمتكم وركبوا رقابكم لأوشكوا أن يذروا محمداً ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم. فأنزل الله: { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ }.
قال ابن أبي بن سلول حين رأى المسلمين نصروا ذلك الرجل: أما والله لئن رجعنا إلى المدينة، وذلك أنه في غزوة تبوك، ليُخرجن الأعز منها الأذل، عمدنا إلى رجل من قريش فجعلناه على رقابنا، أخرِجوه فألحقوه بقومه، وليكن علينا رجل من أنفسنا. فسمعها زيد بن أرقم فقال: لا والله لا أحبك أبداً. فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره. فغضب غضباً شديداً. فأرسل إلى ابن أبي بن سلول، فأتاه ومعه أشراف من الأنصار يعذرونه ويكذبون زيداً. فقال ابن أبي بن سلول: يا رسول الله والذي أنزل عليك الكتاب ما قلته، وإن زيداً لكاذب، وما عملت عملاً هو أرجى أن أدخل به الجنة من غزوتي هذه معك. فعذره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير إذ نزل عليه عذر فقال: { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ... } إلى آخر الآية. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الناس حتى لحق زيداً فأخذ بأذنيه فعركهما ساعة ثم قال: أبشر، أنزل الله عذرك وصدّقك. وقرأ عليه الآية. وبلغنا أن قول ابن أبي بن سلول: ليخرجن الأعز منها الأذل، يعني به النبي عليه السلام.
قوله عز وجل: { وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي علم خزائن السماوات والأرض { وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [يخبر الله سبحانه وتعالى أنه معز رسوله ومن عنده من المؤمنين] وقد فسّرناه قبل هذا الموضع.