التفاسير

< >
عرض

وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً
٤
-الطلاق

تفسير كتاب الله العزيز

قوله عز وجل: { وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ } [أي: إن شككتم] يعني بقوله: (إِنِ ارْتَبْتُمْ) الأزواج، وبقوله: (يَئِسْنَ) النساء عند أنفسهن (مِنَ الْمَحِيضِ) { فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ } أي: هي مأمونة في ذلك. وقال في آية أخرى: { وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ } فالمرأة مأمونة على عدتها. قال عز وجل: { وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } [البقرة:228] أي: لا تقول: أنا حامل وليست بحامل، ولا تقول: إني لست بحامل وهي حامل، ولا تقول: إني لست بحائض، وهي حائض، ولا تقول: إني حائض وليست بحائض.
وقال الحسن: إذا كانت المرأة لا تحيض إلا كل سنة اعتدت به إذا علم أنه حيضها. غير واحد من العلماء قال: تعتد بالحَيْضِ ما كان إلا أن يعلم أنه قطع.
ذكروا عن عكرمة أنه قال: من الريبة المستحاضة والتي لا يستقيم لها حيض؛ تحيض في الشهر مرتين وفي الشهر مرة، فعدتها ثلاثة أشهر. والعامة أن حيضها إذا كان في الشهر مرتين اعتدت به، ولا يكون دون ذلك.
ذكر الزهري عن سعيد بن المسيب قال: عدة المستحاضة سنة. ذكروا عن الحسن وعطاء والحكم بن عيينة أنهم قالوا في المستحاضة إذا طلقت أنها تعتد أيام أقرائها.
ذكروا أن عمر بن الخطاب قال في التي تطلق ثم تحيض حيضة أو حيضتين، ثم ترتفع حيضتها أنها تعتد تسعة أشهر. فإن تبين حملها وإلا اعتدت ثلاثة أشهر.
ذكروا عن حماد بن إبراهيم عن علقمة أنه طلق امرأته فحاضت حيضتين، ثم لبثت في الحيضة الأخرى، قال بعضهم: ثمانية عشر شهراً، وقال بعضهم: ستة عشر شهراً، ثم ماتت. فقال عبد الله بن مسعود: حبس الله عليك ميراثها بكلها.
وقول أصحابنا في هذا أنها تعتد بالحيض ما كانت إلا أن تكون قعدت عن المحيض فتعتد ثلاثة أشهر.
قوله عز وجل: { وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } وهذه التي لم تبلغ الحلم، هي مع اللائي يئسن من المحيض، وكذلك الضهياء التي لا تحيض، عدتها ثلاثة أشهر.
قوله عز وجل: { وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } هذه نسخت التي في سورة البقرة:
{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً } [البقرة:234]. وإن كانت حاملاً فأجلها أبعد الأجلين في قول علي بن أبي طالب وابن عباس. وهو قول جابر بن زيد وأبي عبيدة والعامة من فقهائنا. وفيها اختلاف. وقول العامة إنها نسخ منها الحامل فجعل أجلها أن تضع حملها. وهو قول أهل الخلاف، ورووه عن أبي بن كعب وعمر بن الخطاب وعبدالله بن مسعود.