التفاسير

< >
عرض

فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ
٢٣
أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ
٢٤
وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ
٢٥
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ
٢٦
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
٢٧
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ
٢٨
قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
٢٩
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ
٣٠
قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ
٣١
عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ
٣٢
كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٣٣
-القلم

تفسير كتاب الله العزيز

قال تعالى: { فَانطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } أي: يتسارّون بينهم { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ } أي: أن لا تطعموا اليوم مسكيناً.
قال عز وجل: { وَغَدَوْاْ عَلَى حَرْدٍ } أي: على جِدّ من أمرهم، أي جادّين، { قَادِرِينَ } أي: قادرين على جنتهم في أنفسهم. قال الحسن: { عَلَى حَرْدٍ } أي: على منع من الفاقة.
قال عز وجل: { فَلَمَّا رَأَوْهَا } خرابا سوداء، وعهدهم بها في الأمس عامرة، { قَالُواْ إِنَّا لَضَآلُّونَ } أي: ضللنا الطريق، أي ظنوا إنها ليست جنّتهم. ثم أيقنوا أنها جنتُهم فقالوا: { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } أي: حُرِمنا خيرَ جنّتنا.
{ قَالَ أَوْسَطُهُمْ } أي: أعدلهم { أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } أي هلا تستثنون.
{ قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ قَالُوا يَاوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ }.
قال الله عز وجل: { كَذَلِكَ الْعَذَابُ } أي: هكذا كان العذاب، أي: كما قصصته عليك، يعني ما عذِّبهم به مِن إهلاك جنّتهم. { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ } من عذاب الدنيا { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } يعني قريشا. رجع إلى قوله: { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ }، يعني قريشاً، لو كانوا يعلمون لعلموا أن عذاب الآخرة أكبر من عذاب الدنيا.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحصاد ليلاً وعن الجداد ليلا. ذكروا عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يُصرَم ليلاً وأن يُحصَد ليلاً.
ذكروا عن ابن عمر في قوله تعالى:
{ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } [الأنعام:141]. قال: هو سوى العشر ونصف العشر أن يُنَاوَل منه يوم حصاده. وذكروا عن مجاهد. وقال بعضهم: هو ما أخطأ المنجل.
قال بعضهم تراه إنما نهى عن الصرام ليلاً وعن الحصاد ليلاً وأن يضحى ليلاً لما كان للمساكين لئلا يُحرَمُوا أن يطعموا منه ولا يصنعون كما صنع أصحاب الجنة.
ذكروا عن الحسن وسعيد بن جبير قالوا: { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } قالوا: الزكاة المفروضة.