التفاسير

< >
عرض

إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ
١١
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ
١٢
فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ
١٣
وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً
١٤
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ
١٥
وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ
١٦
وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ
١٧
-الحاقة

تفسير كتاب الله العزيز

قال عز وجل: { إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ } أي: على خزانة بأمر ربه, وذلك يوم أغرق الله فيه قوم نوح { حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ } يعني نوحا ومن معه وأولاده الثلاثة الذين الناس من ذريتهم: سام وحام ويافث. والجارية السفينة.
قال عز وجل: { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً } أي: فتذكرون أن جميع من في الأرض غرقوا غير أهل السفينة. قال عز وجل: { وَتَعِيهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } أي: حافظة. يعني بذلك التذكرة. وهي أذن المؤمن سمع التذكرة فوعاها بقلبه.
قال عز وجل: { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ }، وقد فسّرنا الصور في غير هذا الموضع { نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } [بالرفع على ما لم يسمَّ فاعله]، وهي النفخة الآخرة { وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ } أي تحمل من أصولها وتذهب { فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } ودكها ذهابها. أي: تدك الأرض والجبال فتصير الأرض مستوية.
قال عز وجل: { وَانشَقَّتِ السَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } كقوله عز وجل:
{ وَفُتِحَتِ السَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } [النبأ:19] يعني سقفها. والواهية الضعيفة، ليست بالشديدة كما كانت.
قال عز وجل: { وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَآئِهَا } يعني الملائكة، والملك يعني جماعة الملائكة { عَلَى أَرْجَآئِهَا } أي على حافاتها، أي: على حافات السماء. وقال الحسن: على أبوابها. وقال مجاهد والكلبي؛ على أطرافها.
قال عز وجل: { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ } أي: فوق الخلائق { يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } تفسير الحسن: ثمانية من الملائكة. وتفسير الكلبي: إنهم يومئذ ثمانية أجزاء [من تسعة أجزاء من الملائكة].
وقال بعضهم: ثمانية صفوف من الملائكة.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش، وبين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطائر سبعمائة سنة يقول: سبحانك على حلمك بعد علمك." قال بعضهم: بلغنا أن اسمه روفيل.
وقال بعضهم: { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } تحمله الملائكة على كواهلها، يقول أهل سماء الدنيا بمثلي من الأرض.
وذكر بعضهم أن الذين يحملون العرش ثمانية صفوف من الكروبيين لا يرى أطرافهم ولا يعلم عدده إلا الذي خلقهم، سبحانه.