التفاسير

< >
عرض

فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ
٢١
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
٢٢
قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
٢٣
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ
٢٤
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ
٢٥
وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ
٢٦
يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ
٢٧
مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ
٢٨
هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
٢٩
-الحاقة

تفسير كتاب الله العزيز

قال عز وجل: { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } أي: مرضية، قد رضيها { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } أي: في السماء. { قُطُوفُهَا } أي: ثمارها { دَانِيَةٌ } فيقول لأصحابه: هل تعرفونني، فيقولون: قد غيّرتك كرامة الله، من أنت، فيقول: أنا فلان بن فلان، ليستبشر كل رجل منكم بمثل هذا.
ذكروا عن البراء بن عازب قال: أدنيت منهم وذلّلت، يتناولون أيها شاءوا، قعوداً أو مضطجعين وكيف شاءوا.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"والذي نفسي بيده إن أهل الجنة يتناولون من قطوفها وهم متكئون، فما تصل إلى في أحدهم حتى يُبدِل الله مكانها أخرى" .
قوله عز وجل: { كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ } أي: بما قدمتم على قدر أعمالكم { فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ } وهي أيام الدنيا: وهي في الآخرة أيام خلت.
ذكروا عن عبد الله بن أوفى أن رجلاً قال: يا رسول الله، كيف شهاء أهل الجنة قال: يأكلون ويشربون وإذا امتلأت بطونهم قيل لهم: هنيئاً لكم شهوتكم، فيرشحون عند ذلك مسكاً لا يبولون ولا يتغوّطون ولا يمتخطون.
قال تعالى: { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَه وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ }. قال الحسن: يقولها في النار، يتمنى الموت. وهو مثل قوله:
{ يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [الزخرف:77]. قال بعضهم: يقول: يا ليتني مت قبل أن أحاسب، وقبل أن أوت كتابيه.
قال: وإذا كان الرجل في الشر رأسا يدعو إليه ويأمر به ويكثر عليه تبعه نودي باسمه واسم أبيه، فيتقدم إلى حسابه ويخرج له كتاب أسود بخط أسود، في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات؛ فيبدأ بالحسنات فيقرأها فيفرح، ويظن أنه سينجو. فإذا بلغ آخر الكتاب وجد: هذه حسناتك, وقد ردت عليك, فيسود وجهه ويعلوه الحزن, ويقنط من كل خير. ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته، فلا يزداد إلا حزنا، ولا يزداد وجهه إلا سواداً. فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذه سيئاتك قد عظم بلاؤها؛ فيعظّم للنار، وترزقّ عيناه ويسودّ وجهه، ويكسى سرابيل القطران ويقال له: انطلق إلى أصحابك فأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا. فينطلق وهو يقول: { يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَه وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَة } { مَآ أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ }. ذكروا عن عكرمة عن ابن عباس قال: هلكت عني حجتي.