التفاسير

< >
عرض

مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
١٨٦
يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
١٨٧
-الأعراف

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { مَن يُضْلِلِ اللهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }. قال الحسن: في ضلالتهم يتمادون، وقال غيره: في ضلالتهم يلعبون.
قوله: { يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا } أي متى قيامها في قول الكلبي. وقال الحسن: متى مجيئها.
قال: { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي } أي إنما علم مجيئها عند ربي { لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا } أي [لا يظهرها في وقتها] الذي وقت { إِلاَّ هُوَ } قال مجاهد: لا يأتي بها إلاَّ هو.
قال: { ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } ذكرواعن عبدالله بن القاسم بن يسار مولى أبي بكر الصديق، رضي الله عنه قال: إن الوحي إذا نزل سمع أهل السماوات، قال بعضهم مثل جر السلاسل على الصخور قال: فيفزغون ويخافون أن تكون الساعة. فإذا انجلى الخوف عن قلوبهم قال أهل كل سماء لأهل السماء الذين فوقهم: ماذا قال ربكم؟ فيقولون الحق، يعنون الوحي، وهو العلي الكبير. فلا يزال ذلك من سماء إلى سماء حتى ينتهي إلى السماء الدنيا. وهو قوله في سورة سبإ [الآية:23]
{ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِم } أي انجلى عن قلوبهم { قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ } وقد قال في آية أخرى: { وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الحَقُّ } [الشورى:18].
وقال الحسن: ثقلت على أهل السماوات حتى تشققت لها السماوات، وانتثرت لها النجوم، وذهب الشمس والقَمر، وعلى الأرض، حتى ذهبت جبالها وذهبت بحارها.
قوله: { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } أي فجأة. ذكر بعضهم قال: قضى الله لا تأتيكم إلا بغتة.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه، فما يطويانه حتى تقوم الساعة. وتقوم الساعة والرجل يخفض ميزانه ويرفعه، وتقوم الساعة والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم الساعة. وتقوم الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه، فما تصل إلى فيه حتى تقوم الساعة"
قوله: { يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيُّ عَنْهَا }. فيها تقديم. يسألونك عنها، يعني الساعة متى قيامها، كأنك حفيٌّ بهم. وقال الكلبي: كأنك بينك وبينهم صداقة، وهو واحد.
وذكر بعضهم عن مجاهد أنه قال: كأنك استحفيت عنها السؤال حتى علمتها. ومن قال بهذا فليس فيها على هذا التفسير تقديم. قال الحسن: يعني قريشاً؛ يقول: تعلمّهم ما لا تعلّم غيرهم، أي: لقرابتهم منك. قال الكلبي: كأنك عالم بها؛ وهي عنده مقدمة.
وقال بعضهم: قالت قريش: يا محمد، أَسِرَّ إلينا أمر الساعة لما بيننا وبينك من قرابة. فقال الله: { يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا }، أي كأنك حفي يهم. قال: وهي في هذا التفسير مقدمة؛ (يَسْأَلُونَكَ عَنْهَا كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِهِمْ).
قال: { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }. ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"خمس لا يعلمهن إلا الله: { إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }" [لقمان:34].