قوله: { يَابَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ }. قال الحسن: كان أهل
الجاهلية يطوفون بالبيت عراة، الرجال والنساء، فأمر الله المسلمين فقال: { خُذُوا
زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ }، أمرهم أن يلبسوا الثياب.
قال: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا } أي الحلال في الإِضمار { وَلاَ تُسْرِفُوا } أي:
فتحرموا ما أحل الله لكم كما حرم أهل الجاهلية من البحيرة والسائبة والوصيلة
والحام، وما حرموا من زروعهم { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ } أي المشركين. وقال
مجاهد: هم السافكون الدماء بغير حلّها.
قوله: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ }، يعني الثياب، لأنهم كانوا
يطوفون بالبيت عراة { وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } أي ما حرموا من أنعامهم وحروثهم.
{ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا } وقد خالطهم المشركون والمنافقون فيها
في الدنيا، وهي للذين ءامنوا { خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ } دون المشركين والمنافقين.
قال بعضهم: من عمل بالإِيمان في الدنيا خلصت له كرامة الله يوم القيامة.
قال: { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ } أي نبين الآيات بالحلال والحرام والأمر
والنهي: { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } وهم المؤمنون الذين قبلوا ذلك عن الله. فأما المشركون
فصدوا عنه وجحدوه، والمنافقون فرَّطوا وضيّعوا، ولم يوفّوا بما أقرّوا به من العمل
الذي انتقصوه.
ذكر بعضهم قال: كان هذا الحي من كندة يطوفون بالبيت وهم عراة، إلا أن
يستعير أحدهم مئزراً من أهل مكة فيطوف فيه. فأنزل الله ما تسمعون حتى انتهى إلى
قوله: قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، وهو ما حرّم أهل
الجاهلية من أموالهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.