التفاسير

< >
عرض

فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ
٩٣
وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ
٩٤
ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوْاْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٩٥
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٩٦
أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَٰتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ
٩٧
أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ
٩٨
أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٩٩
أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ
١٠٠
-الأعراف

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ } وهذا بعدما هلكوا { فَكَيْفَ ءَاسَى } أي فكيف أحزن، { عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ } أي لا أحزن عليهم.
قوله: { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ } البأساء: البؤس والجوع وقحط المطر، والضراء: اللأواء من الأمراض والشدائد. { لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ }.
قال: { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ } أي مكان البأساء والضراء، وهي الشدة { الحَسَنَةَ } والحسنة ها هنا، الرخاء والعافية. { حَتَّى عَفَواْ } أي حتى كثروا. قال الحسن: سمنوا بعد الجوع، فهو من الكثرة { وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ ءَابَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ } أي الشدة والرخاء فلم يكن شيء، يعنون ما كان يعد النبي به قومه من العذاب إن لم يؤمنوا.
قال الله: { فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً } أي فجأة بالعذاب { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }.
قوله: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقُوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ }. قال بعضهم: لأعطتهم السماء قطرها والأرض نباتها. { وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم } بالعذاب { بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي: بما كانوا يعملون يعني: يشركَهم.
قوله: { أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا } أي عذابنا { بَيَاتاً } أي: ليلاً { وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى } أي نهاراً، مثل قوله:
{ وَالضُّحَى وَالَّيْلِ إِذَا سَجَى } [الضحى:1-2]. قال: { وَهُمْ يَلْعَبُونَ } أي ليسوا بآمنين من ذلك. وقد كان المشركون يقولون للنبي عليه السلام: إيتنا بعذاب الله.
قال: { أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ } أي إنهم ليسوا بآمنين من ذلك { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ } أن يمكر بهم فيهلكهم { إِلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ }. وهو قوله: ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس ءَابَاءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون هكذا مكره بهم.
قوله: { أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ } وهي تقرأ على وجهين: { يَهْدِ } و { نَهْدِ }. فمن قرأها { نَهْدِ } فيقول نُبين. ومن قرأها { يَهْدِ } فيقول: يبيّن الله للذين يرثون الأرض. { مِن بَعْدِ أَهْلِهَا } أي الذين هلكوا من الأمم السالفة { أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ } فأهلكناهم بالعذاب كما أهلكنا من كان قبلهم حين كذّبوا رسلهم. { وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } أي لو شئنا أصبناهم بذلك.