التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ
١٥
كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً
١٦
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً
١٧
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ
١٨
فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
١٩
ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
٢٠
ثُمَّ نَظَرَ
٢١
ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ
٢٢
ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ
٢٣
فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ
٢٤
إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ
٢٥
-المدثر

تفسير كتاب الله العزيز

قال تعالى: { ثُمَّّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } قال بعضهم: فلم يزده بعد هذه الآية شيئاً. تفسير الحسن: { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } أي: أن أدخله الجنة. أي: لقول المشرك { وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّيَ إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى } [فصلت:50] أي: للجنة إن كانت جنة. وكقوله: { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً } [الكهف:36]. وكقوله: { لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } [مريم:77] أي: في الجنة إن رددت إلى ربي كما تقولون.
قال الله: { كَلاَّ } أي: لا ندخله الجنة، وليس له فيها المال والولد. { إِنَّهُ كَانَ لأَيَاتِنَا عَنِيداً } أي: معانداً لها، جاحداً بها.
{ سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } ذكروا عن الحسن وغيره قال: عذاباً لا راحة فيه. ذكروا عن كعب قال: هو جبل في جهنم يصعده الكافر إلى أعلاه، فإذا بلغ أعلاه رد حتى يبلغ إلى أسفله، ثم يصعد إلى أعلاه، ثم ينزل إلى أسفله.
قال تعالى: { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } أي: فلعن كيف قدر. { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } أي: كلح { ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَآ } أي: القرآن { إِلاَّ سِحْرٌ يُؤثَرُ إِنْ هَذَآ إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ }.
تفسير الكلبي أن الوليد بن المغيرة قال لقريش: إن أمر هذا الرجل، يعني النبي عليه السلام قد فشا، وقد حضر الموسم. وإن الناس سيسألونكم عنه فما تردون؟ قالوا: نقول: إنه مجنون. قال: إذن والله يستنطقونه فيجدونه فصيحاً عاقلاً فيكذبونكم. قالوا: فلنخبرهم أنه كاهن [فقال: إذن والله يلقونه فيخبرهم بما لا يخبرهم به الكاهن. قالوا: فنخبرهم أنه شاعر]. قال: فإنهم يعرفون الشعر ويروونه، فلا يسمعون شيئاَ يشبه الشعر.
ثم انصرف إلى بيته فقالت قريش: صبا والله الوليد، وأيم الله لئن صبا الوليد لتصبونّ قريش كلها. فقال أبو جهل: أنا أكفيكموه. فانطلق أبو جهل فجلس إليه وهو كهيئة الحزين. فقال له: ما يحزنك يا ابن آخي. فقال: وما لي لا أحزن، وهذه قريش تجمع لك نفقة ليعينوك بها على كبرك وزمانتك. قال: أو لست أكثر منهم مَالاً وولداً؟ قال: فإنهم يقولون: إنك قلت الذي قلت لتصيب من فضول طعام محمد وأصحابه. فقال: والله ما يشبعون من الطعام فأيُّ فضل يكون عندهم. ولكني أكثر حديث نفسي فإذا الذي يقول سحر وقول بشر.
ذكروا عن سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفتنة تلقح بالنجوى، وتولد بالشكوى، فلا توقظوها إذا رقدت، ولا تثيروها إذا هي اجتمّت. قال: الفتنة راتعة في بلاد الله تطأ في خطامها حتى يأذن الله لها فيها. فإذا أذن الله لها فويل لمن أخذ بخطامها. من طلب الفتنة ذهب بقاؤه، وقل نماؤه، وكانت النار مأواه. ألا ففروا من الفتنة كما تفر الوحوش بأولادها. ألا فالحذر الحذر، فإنه لن ينجو من الفتنة إلا من صانع الذل، ولأن يقال لك ذليل ضعيف خير من أن يقال لك إنك من أصحاب السعير.
قال: فاجتمع إليه قومه فقالوا يا أبا المغيرة، كيف يكون قوله قولَ بشر وسحراً؟ قال: أذكركم الله، هل تعلمون أنه فرق بين فلانة وزوجها، وبين فلان وأبيه، وبين فلان وأخيه، وبين فلان، مولى بني فلان، ومواليه، يعني من أسلم واتبع النبي عليه السلام. فقالوا: اللهم نعم، قد فعل ذلك. قال: فهو ساحر.
قال مجاهد: وكان ذلك في دار الندوة. قال الله: { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أََدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤثَرُ إِنْ هَذَآ إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ } يعني عداساً، غلام عتبة. كقوله عز وجل:
{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [النحل:103]؛ عدّاس في تفسير الحسن.