قوله: { وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، وذلك لقول قريش وقول
مشركي العرب إنه مجنون. قال: { وَلَقَدْ رَءَاهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ } يعني بالمشرق الذي هو
مطلع النجوم والشمس والقمر. يعني أن محمداً رأى جبريل في صورته مع الأفق قد
سدّ ما بين السماء والأرض. وتفسير مجاهد: إن ذلك كان من نحو أجياد. عن عمارة
مولى بني هاشم قال إن النبي عليه السلام رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح
مثل الزبرجد الأخضر فأغمي عليه.
قال تعالى: { وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ } أي: على الوحي { بِضَنِينٍ } أي:
بخيل، أي لا يبخل عليكم به، وهي تقرأ على وجه آخر: { وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ }
أيك بمتّهم، وهي مقرأ عبد الرحمن الأعرج ومقرأ أهل الكوفة. { وَمَا هُوَ } يعني
القرآن { بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } أي رجمه الله باللعنة. قال: { فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ } يقول
للمشركين: فأين تعدلون عنه يميناً وشمالاً، كقوله تعالى: { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ
مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ }.
قال تعالى: { إِنْ هُوَ } يعني القرآن { إِلاَّ ذِكْرٌ } إلا تفكير { لِّلْعَالَمِينَ } يعني
من آمن به يذكرون به الآخرة. قال: { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } أي: على ما
أمر الله في تفسير الحسن. وقال مجاهد: { أَن يَسْتَقِيمَ }، أي أن يتّبع الحق، وهو
واحد. { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللهُ } أي: لا تقدرون على شيء لم يرده الله { رَبُّ
الْعَالَمِينَ } أي الخلق أجمع.