التفاسير

< >
عرض

وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ
١٠١
-التوبة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ } أي اجترأوا عليه، والمتمرد الجريء على المعاصي. { لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } أي لا تعرفهم أنت يا محمد. نحن نعرفهم.
وقد عرفهم الله رسوله وأعلمه بهم بعد ذلك، وأسرّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حذيفة ابن اليمان.
ذكروا عن الحسن أنه قال: مات رجل له صحبة إلى جانب حذيفة فلم يصلِ عليه حذيفة. فأرسل إليه عمر فأغلظ له، ويقال: يموت رجل من أصحاب النبي إلى جانبك ولا تصلي عليه. قال: يا أمير المؤمنين، إنه من القوم. فقال له عمر: أناشدك بالله، أنا منهم، قال: لا، والله لا أؤمن منها أحداً بعدك.
وقال بعضهم: قال له عمر: يموت رجل من أصحاب النبي إلى جانبك لا تسأل عليه؟ فقال له حذيفة: لو كنت مثله ما صليتُ عليك. قال: أمنافق هو يا حذيفة؟ قال: ما كنت لأخبرك بسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عمر: أناشدك الله، أنا منهم. قال حذيفة: اللهم لا.
وفي هذا دليل لأهل الفراق أن عمر لم يَلُم حذيفةَ على أن لا يصلي عليه، وهو عند عمر مسلم. وفي قول عمر: يا حذيفة أناشدك الله أنا منهم ما يدل كل ذي نُهى وحِجى أن عمر لم يكن يخاف على نفسه أنه مشرك، بل إنه خاف أن تكون له معاصِ في الإِسلام توجب عليه النفاق، أو يكون نبي الله قد أسرَّ إلى حذيفة شيئاً من ذلك.
وأما الشرك، فلم يكن يخافه عمر على نفسه، ولا يظنه به.
قوله: { سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ } فأما إحداهما فبالزكاة تؤخذ منهم قهراً، وأما الأخرى فعذاب القبر في تفسير بعضهم. { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } يعني المنافقين. وعذاب القبر أيضاً في سورة طه[124] في قوله:
{ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكَاً
ذكروا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن [عن أبي هريرة] عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكروه عن عبد الله بن مسعود، وذكروه عن أبي سعيد الخدري أنه قال: "هو عذاب القبر يلتئم على صاحبه حتى تختلف أضلاعه" . وقال بعضهم: { سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ } أي: عذاب الدنيا وعذاب القبر، { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ }، أي جهنم.