قال عز وجل: { أَيَحْسَبُ } الإِنسان، وهذا على الاستفهام { أَن لَّن يَقْدِرَ
عَلَيْهِ أَحَدٌ } أي أن لن يقدر عليه الله، وهذا المشرك يحسب أن لن يبعثه الله بعد
الموت. قال عز وجل: { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } أي: مالاً كثيراً، أي: أتلفت
وأكلت مالاً كثيراً فمن ذا الذي يحاسبني.
قال الله: { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } أي أن لم يره الله، أي: حين أهلك
ذلك المال. أي: بلى، قد علمه الله.
ثم قال عز وجل: { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ } أي: ألم يعلم أن الله جعل له
عينين { وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ } أي: فالذي جعل ذلك قادر على أن يبعثه فيحاسبه.
قال عز وجل: { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } أي: بصرناه الطريقين: طريق الهدى
وطريق الضلالة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنهما النجدان: نجد الخير ونجد الشر فما
يجعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" .
قال عز وجل: { فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَة } أي: لم يقتحم العقبة. [وهذا خبر، أي:
إنه لم يفعل]. قال الحسن: عقبة الله شديدة؛ يريد الرجل أن يحاسب نفسه
وهواه وعدوه الشيطان. قال الكلبي: هي عقبة على جسر جهنم، من أعتق رقبة مؤمنة
وهو مؤمن جازها.
ثم قال عز وجل: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ } يقول للنبي عليه السلام: { وَمَآ
أَدْرَاكَ } على الاستفهام، يعني أنك لم تكن تدري حتى أعلمتك ما العقبة.
{ فَكُّ رَقَبَةٍ } أي: عتق رقبة من الرّق. وهي تقرأ { فَكُّ رَقَبَةٍ } [بالرفع وبالنصب
فمن قرأها بالرفع: فكُّ فعلى أنه مصدر، ومن قرأها بالفتح فعلى أنه فعل ماض]
قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اعتق رقبة فهو فكاكه من النار" .