التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ٱلْمُجْرِمُونَ
٥٠
-يونس

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قلْ أرأيتُم } أخبرونى وقد مر بيانه، أو يأتى { إنْ أتاكُم عذابُهُ } أى عذاب الله الذى تستعجلون به { بَياتاً } مصدر نائب عن ظرف الزمان، أى وقت بيات، أى نوم، وذلك الوقت هو الليل، وابتدأ به، لأن مجئ العذاب فيه أفظع، إذ هو وقت غفلة واشتغال بالنوم، وقيل: البيات هو الليل، سمى لأن الإنسان غالبا لا يكون إلا فى البيت ليلا، وعلى كل حال، فلم يقل ليلا لما فى لفظ البيات من الدلالة على اليوم الذى هو غفلة، وعلى تبييت العدو، وهو الوقوع عليه حيث لا يشعر، وقد قيل: إن البيات اسم مصدر، ولمعنى تبييت على أنه من بيت بالتشديد { أو نَهاراً } وقت الاشتغال بطلب المعاش.
{ مَاذا } خبر فمبتدأ، وأجيز العكس، والجملة صلة ذا، والرابط محذوف أى يستعجله، أو ماذا اسم واحد مركب مفعول للفعل بعده، ويضعف جعله مبتدأ لحذفه رابطة المنصوب بالفعل، أى يستعجله { يسْتَعْجل منهُ } أى من العذاب، وقيل: من الله { المجْرمُون } المخاطبون، والأصل ماذا تستعجلون منه، وذكرهم بالفظ المجرمين ليدل على أن إجرامهم يقتضى أن لا يستعجلوا العذاب، وأن يحبوا تأخيره، والاستفهام إنكار، فإن العذاب كله مكروه مر المذاق، موجب للنفار، فليس منه شئ يصح استعجاله، ومن للعجب، ومن على الوجهين للتبعيض أو للبيان.
وقال جار الله: هى فى وجه التعجب للبيان، وجواب إن محذوف، أى تندموا عن الاستعجال، أو تعرف الخطأ فيه، أو { ماذا يستعجل منه المجرمون } دليل لجواب مؤخر من تقديم المعمول لأرأيتم، والأصل: قل أرأيتم ماذا يستعجل منه المجرمون إن أتاكم عذابه بياتا، أو نهارا وليس هو نفس الجواب، لأنه لم يقرن بالفاء، مع أنه لا يصح شرطا، وإنما صح تقدير الجواب مما بعد أرأيتم، لا من معنى أرأيتم، وهو أخبرونى كما يقدر من جملة الأمر فى قولك: انظر هل قام زيد إن شئت؟ لأنه أريد هنا على ذلك الوجه الجواب بمثل ذا يستعجل منه المجرمون، ثم هو والشرط معمول لأرأيتم كما تقول: أخبرونى هل يقوم عمرو إن قام زيد؟ وأنت تريد معنى قولك: أخبرنى إن قام زيد فهل يقوم عمرو؟ ولا معنى قولك: إن قام زيد فأخبرنى هل يقوم عمرو؟ فزال الإشكال الذى أورده شيخ الإسلام كذا ظهر لى فافهم.