التفاسير

< >
عرض

فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ
٤
ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ
٥
-الماعون

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } غافلون غير مبالين بها صلوها أو تركوها بضوء وطهارة أم لا في الوقت أو بعده ينقرونها من غير خشوع ويعبثون فيها باللحى والثيات ويلتفتون ويؤديهم عدم الإعتناء بها إلى كثرة التثاوب ولا يدرون على كم انصرفوا ولا يرجون ثوابا عليها ولا عقابا على تركها وعن بعضهم أن المراد المنافقون ان صلوا لم يرجوا ثوابا وإن تركوا لم يخشوا عقابا، وقيل من يؤخرها عن وقتها، وعن الحسن يصلون في العلانية ويتركونها سرا يراءون بها المؤمنين كما ذكر الرياء بعد ذلك.
"وعن سعيد ابن أبي وقاص سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الذين هم عن صلاتهم ساهون فقال هم الذين يأخرونها عن وقتها" وهو قول مجاهد ويدل للقول بأنها في المنافقين ذكر الرياء بعد مع قوله وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يرآون الناس وقيل من يصليها رياء وإن فاتته لم يندم وتلك الصفات كلها توجد في أهل التوحيد وفي علمائهم، كما توجد في أهل الشرك فالمشرك الخالص لا يصليها والمنافق المسر للشرك ربما صلاها بين الناس إلا التكذيب فلا يوجد في أهل التوحيد وفي الزبور قل للذين يحضرون الكنائس بأبدانهم ويقفون مواقف العباد وقلوبهم في الدنيا أبي يستخفون أم إياي يخادعون وفي الحديث "ليس لأحد من صلاته إلا ما عقل منها" ، وسئل أبو العالية فقال الذي لا يدري على كم ينصرف وأنكر عليه الحسن فقال الذي يخرج وقت الصلاة عنه وهو ساه أي تارك وقيل الذي إن صلاها لأول الوقت لم يفرح وإن أخرها عن وقتها لم يحزن، فلا يرى تعجيلها برا ولا تأخيرها إثما قلت ولا يبعد أن يراد من يصليها ولا يحضر قلبه في شيء منها ولا يعيدها فإن هذا لا صلاة له وواجبة عليه إعادتها.
قال الحسن كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع، وعن بعض أن العبد يسجد السجدة وعنده أنه تقرب إلى الله بها ولو قسمت ذنوبه في سجدته على أهل مدينة لهلكوا وذلك إذا أصغى إلى هوى أو استولى باطل على قلبه، وعن أنس وعطاء بن يسار الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم يريد أن المؤمن يسهو فيها ويرجع والمنافق يسهو عن جميعها ولا يسجد للسهو وإن سجد لم ينفعه وأما السهو في بعض والرجوع في بعض لوسوسة الشيطان وحديث النفس فلا يخلو منه مسلم بل ربما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هذا اثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم.
وكان الربيعرحمه الله يسجد سجدتي السهو مطلقا احتياطا ونفلا أو يعد حديث النفس والشيطان سهوا ولكن ذلك في وقت الصلاة أما في غير وقتها كما إذا صلى الفجر أو العصر أو صلى سنة الفجر فلا يسجد إلا إذا لزمه السجود إلا على قول مجيز النفل بعد الفجر وبعد العصر والفاء رابطة لجواب شرط محذوف أي إذا كان دفع اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين علما للتكذيب وموجبا للذم فالسهو من الصلاة التي هي عماد الدين والفارق بين الإيمان والكفر والرياء الذي هو شعيبة من الشرك ومنع الزكاة التي هي شقيقة الصلاة وقنطرة الإسلام أحق بذلك أو الفاء للسببية فالمصليين ظاهر موضوع موضع ضمير الذي ضمير جماعة لأن الذي جنس أو شخص يتضمن أن من فعل مثل فعله فهو مثله أي فويل لهم وقرأ ابن مسعود عن صلاتهم لاهون.