التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
١٠
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولَئنْ أذقْناهُ نعْماءَ } مفرد بمعنى النعمة، أو اسم جمع للنعمة، أو بمعنى الإنعام، أو اسم جمع له ذكر غير الأول الشنوانى كصحة وغنى وعافية وعز { بَعْد ضَرَّاءَ } كسقم وفقر، وفتنة وذل { مسَّتْه } صفة لضراء، والمس مبدأ الوصول، والذوق إدراك الطعم، ففى الآية تنبيه على ما يجده الإنسان من النعم والفخر قليل جدا بالنسبة لما فى الآخرة، وأنه بأدنى شئ يقع فى الفرح والفخر، وأسند الإذاقة إلى الله، والمس إلى الضراء، ولو كان الكل من الله، لأن الخير تفضل من الله تعالى، ولو حوسب الإنسان لم يستحق لعمله الصالح شيئا من ثواب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل أحد بعمله الجنة ولا أنا إلا بفضل الله" والضر يمسه بعروض حيث يكتسب موجبه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يصيب مسلما شئ ولو انقطاع شسع إلا بذنب وما يعفو الله أكثر" .
{ ليقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيئاتُ عنِّى } هذا ذم، لأنه بقول ذلك على فرح وافتخار، واطمئنان إلى الدنيا، وعدم استشعار رجوعهن، وعدم الحمد والشكر على الذهاب، أو لأن النفس قد تضيف ذلك إلى العادة، ولا سيما نفس المشرك، هذا ما ظهر لى، والله أعلم. والسيئات ما يسوؤه كالسقم والفقر والذل، ولم يؤنث الفعل، لأن الفاعل ظاهر مجازى للتأنيث.
{ إنَّه لَفرحٌ } بطر بالنعمة، مغتر بها، ساكن إليها، وليس فى القرآن فرح ممدوح إلا مقيدا بخير { فَخورٌ } كثير الفخر على الناس، مشغول عن الشكر والقيام بحقها، قيل: الفرح لذة تحصل فى القلب بنيل المراد، والفخر التطاول على الناس بتعديد المناقب.