التفاسير

< >
عرض

أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ
٢٠
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أولئِكَ لَم يَكُونوا مُعْجِزينَ } الله { فى الأرْضِ } أرض الدنيا أن يعاقبهم { ومَا كانَ لَهم مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أولياءَ } يمنعونهم من العذاب، ولكن أخر عذابهم إلى هذا اليوم، ليكون أشد وأدوم، وهذا مقول لهم يوم القيامة، وقيل فى الدنيا، وعليه فالتقدير ولكن نؤخر عذابهم إلى اليوم الآخر ليكون أشد وأهول، ومن الأولى متعلقة بمحذوف حال من أولياء أو من المستتر فى لهم، والثانية صلة للتأكيد فى اسم كان.
{ يُضاعَفُ } من جملة ما يقال لهم فى ذلك اليوم، وهكذا إلى يبصرون: وقيل: استؤنف من هنا إخبار عنهم فى الدنيا، وقرأ ابن كثير، وابن عامر، ويعقوب: ويضعف بالتشديد وإسقاط الألف { لَهم العَذابُ } فى الآخرة لإضلالهم غيرهم، ولفرط إعراضهم كما قال.
{ ما كانُوا } ما نافية { يسْتَطيعُون السَّمعَ } للحق لشدة إعراضهم عنه، وبغضهم له، أراد أنهم لا ينتفعون بما سمعوا حتى كأنهم لم يستطيعوا السمع، فضلا عن أن يسمعوا، فضلا عن أن ينتفعوا، وذلك لاكتسابهم المغطى على قلوبهم، وخذلان الله إياهم لا جبر منه تعالى.
{ وما } نافية { كانُوا يُبْصرُونَ } خبرا أو آيات ينتفعون بها، شبه إعراضهم عنها مع أنهم رأوها بعدم إبصارهم لها، أو ذلك كناية عن شدة بغضهم للنبى صلى الله عليه وسلم، حتى لا يستطيعوا حمل أنفسهم على السمع منه، والنظر إليه، والجملتان تعليل لمضاعفة العذاب، أو مجرد إخبار، وإن فسرنا الأولياء بالأوثان خصوصا، صح أن تكونا بيانا لنفى الولاية عنها، لأنها تسمع ولا تبصر، فيكون { يضاعف لهم العذاب } معترضا، وهذا عندى ضعيف، فإن الظاهر أن المراد نفى من ينصرهم على العموم، وما ذكرت من كونهما تعليلا للمضاعفة، أعنى التعليل الجملى، أولى من قول بعض: إن ما مصدرية، وحرف التعليل مقدر معهما مثل اللام والباء، لأن فيه التخريج على حذف الجار مع الحرف المصدرى، غير أن وإن وكى.