التفاسير

< >
عرض

قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ
٤٣
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قالَ } وهو فى موضع عال { سَآوِى } ألتجئ { إلى جَبَلٍ يعْصِمنى } يمنعنى { مِنَ الماءِ } وهذه منه لعنه الله زيادة كفره.
{ قال } نوح { لا عَاصِمَ اليَومَ } خبر لا { مِنْ أمْر اللهِ } الذى هو عذابه متعلق بمحذوف خبر ثان، أى يعصم من أمر الله، أو نعت لعاصم لجواز أن لا يعرب ولا ينون اسم لا الموصوف، لكن فيه الفصل، ولو علق أحد الظرفين به، وجعل الآخر خبر اللازم إعرابه وتنوينه على الأشهر وهو مبنى غير معرب، وأجاز بعضهم عدم الإعراب والتنوين إذا عمل فى الظرف أو غيره كما هنا، وبعض إعرابه غير منون قاله ابن هشام.
{ إلاَّ مَنْ رَحِم } أى إلا الراحم العام الرحمة لكل مستحق لها وهو الله، فكأنه قال: إلا من عم برحمته وهو الله سبحانه، فمن عائدة لله كضميرها فى رحم، ومفعول رحم محذوف للعموم، أو لا مفعول له، أو المراد إلا مكان من رحمهم الله وهو السفينة، فإنها حرر من الغرق لا الجبل بحذف المضاف وهو المكان، ومن واقعة على المؤمنين وما معهم، وضمير رحم عائد لله، ومفعوله محذوف ضمير للمؤمنين عائد إلى مَنْ كما رأيت، ويجوز تقديره مفردا كلفظ مَنْ، وقيل: عاصم بمعنى المصدر، ويقدر مضاف أى لا ذا عصمة بمعنى لا معصوم، أو بمعنى اسم مفعول مثل دافق فى أحد الأوجه، وقيل: الاستثناء منقطع أى لكن منرحمه الله يعصمه، وقرئ إلا من رحم الله بالبناء للمفعول، فيكون لفظ الجلالة فاعلا بفعل محذوف مبنى للفاعل كذا ظهر لى، فيكون كقوله: لبيك يزيد ضارع ببنائه لبيك للمفعول.
{ وحَالَ بيْنَهما } أى بين نوح وابنه، أو بين ابنه والجبل { الموْجُ فكانَ } ابنه { مِنَ المغْرقِينَ } الظاهر أنه غرق بالطوفان بعد ذهابه إلى الجبل، وطلوع الماء إلى الجبل، وعلوه عليه، أو غرق بالطوفان قبل وصول الجبل، أو قبل ذهابه إليه، على أن الموج منعه الذهاب إلى الجبل، أو من وصوله، وذكر القشيرى: أنه اتخذ بيتا من زجاج، فألقى الله عليه البول فغرق فى بوله، وذكر التلاتى أنه قيل: دخل فى بيت من زجاج اجتمع فيه بوله وغائطه وغرق فيهما، ومات وأنه قيل: ضايقه البول فخرق التابوت ودخل عليه الماء وغرق فيه ومات.