التفاسير

< >
عرض

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٥٦
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إنَّى توَكَّلتُ عَلى اللهِ ربِّى } مالكى { وربِّكُم } مالككم فهو عاصمى منكم، لا تصلوننى بما لم يرده ولو بالغتم الغابة فى المكر.
قالوا: من خاف من أسد أو إنسان أو غيرهما فليكثر من قراءة، { إنى توكلت } إلى حفيظ عند دخول فراشه، ويقظته ومسائه وصباحه، فإن الله بفضله ينجيه، ومن أكثر منها فى البحر لم يغرق ولم يلحقه هو من هوان هول البحر، ومن قرأها وهو داخل على سلطان آمن من شره على نفسه وماله وولده، ومن كتب ذلك، وعلقه فى عنق صبى أمن من الآفات العارضة للصبيان، وبرهن على أنهم لا يعلمونه بما لا يريده لقوله:
{ مَا مِنْ دابَّةٍ إلا هُو آخذٌ بناصِيتَها } إلا هو مالك لها، صارف لها عما لا يريد إلى ما يريد، وكنى عن ذلك بالآخذ بالناصية، فإن من أخذت ناصيته فقد قهرته، وهى مقدم الرأس، وسمى شعر مقدم الرأس باسمه لأنه محله وللمجاورة، رخص الناصية لأن العرب إذا وصفت إنسانا لأنه لا يخرج عما أراد الآخر قالوا: ناصية فلان بيد فلان.
{ إنَّ ربَّى عَلى صِراطٍ مُسْتقيمٍ } طريق لا عوج فيه، وهو كناية عن أنه على الحق والعدل، فالذى يدعوكم إليه من الدين حق وعدل، لأنه منه، وأن الله سبحانه عدل فلا يظلمكم، ولو كان قادراً عليكم، وأنتم فى قبضته كعبد ذليل، بل يجازى المحسن بالإحسان، والمسئ بإساءته لا يفوته ظالم، ولا يضيع عندى معتصم، وهذا أنسب عندى بتوكله، وقوله: { كيدونى } أو إن دين ربى على صراط مستقيم شبه دينه بإنسان يمشى على طريق موصل إلى المطلوب، وقيل: إن ربى يحملكم على صراط مستقيم، أى يدلكم عليه وهو خير لكم.