التفاسير

< >
عرض

فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ
٦٥
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَعقَروهَا } قتلوها، أو قطعوا عضلتى ساقيها يوم الأربعاء { فَقالَ } صالح { تمتَّعُوا } عيشوا لفظة أمر ومعناه إخبار { فى دَاركُم } أى فى الدنيا، أو فى بلدكم، فإنه يسمى داراً، لأنه يدار فيه، أو الإضافة للجنس، فالمعنى فى دياركم { ثَلاثَة أيامٍ } بقية الأربعاء والخميس والجمعة، وبعضا من السبت، ثم تهلكوا.
{ ذلكَ } خطاب لكبيرهم، وخطاب كبير القوم خطاب لهم، أو لكل من يصلح منهم للخطاب على سبيل البدلية، والإشارة إلى الوعد، أو إلى التمتع ثلاثة أيام فقط { وعْدٌ غيرُ مكْذوبٍ } هو عندى من باب الحذف والإيصال، والأصل مكذوب فيه، ففيه نائب الفاعل، حذفت فى فانتصب محل مجرورها، فكان أحق بالنيابة، فجئ بضمير مستتر مرفوع عوضا عنه كقولك: عبد مشترك بفتح الراء، أنشد ابن هشام:

ويوماً تشهدنا سليما وعامراً

والأصل شهدنا فيه، وحذف الجار واتصل الهاء بشهدنا ولم يستتر، لأنه منصوب، أو ذلك من قولك صدقه أو كذبه بالتخفيف، أى خبره خبر صدق، أو خبره خبر كذب، فهو مصدوق أو مكذوب، فليس من الحذف والإيصال، ويجوز كونه بمعنى الكذب، أى غير كذب من المصادر التى يوزن مفعول، كالمجلود والمعقول والمفتون فى قوله عز وجل: { { بأيكم المفتون } أى الفتنة فى أحد الأوجه.
وروى أنهم لما عقروها قالوا: عليكم بالفصيل فاتبعوه، فصعد القارة وهو الجبل، وتطاول حتى يدرك أعلاه، ولما جاء الثالث استقبل القبلة فقال: يا ربى أمى، يا ربى أمى، يا ربى أمى، فأرسلت عليهم الصيحة.