التفاسير

< >
عرض

قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ
٧٢
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قالَتْ يَا ويْلتَا } أصله فى النداء الهلاك، ثم استعمل فى كل فظيع، كأنه قيل: يا عجبى، والألف بدل من ياء الإضافة، وقرأ الحسن: يا وليتى بكسر التاء بعدها ياء الإضافة { أَأَلدُ } استفهام تعجب، ولا مفعول لهذا الفعل، فإن المراد تعجب من مطلق الولادة، لا الولادة بقيد كذا ظهر لى.
{ وأنا عجُوزٌ وهَذا بعْلى شَيخا } عمرها تسع وتسعون سنة، وعمره مائة وعشرون سنة، ويأتى غير ذلك إن شاء الله فى غير هذه السورة، وشيخا حال من بعلى، وعامله معنى الإشارة، وصح هذا باعتبار معنى قولها: أشير إلى بعلى شيخا، وهذا بعلى أشير إليه شيخا، فعامل الحال وصاحبها فى الحقيقة واحد هو أشير، والصاحب فى الحقيقة مجرور إلى فلا يرد علينا اختلاف عاملهما من حيث إن أرفع بعلى هو ذا، ورافع ذا هو الابتداء.
وقال السهيلى: اسم الإشارة لا يعمل فى الحال، وإنما العامل والصاحب محذوفان، أى انظر إليه شيخا وهكذا فى مثل هذه الآية مثل:
{ { فتلك بيوتهم خاوية } فى النمل، بل السهيلى ذكر ذلك فى آية النمل، وقرأ شيخ بالرفع على أنه خبر ثان أو خبر لمحذوف، أى هو شيخ، أو على أنه الخبر وبعلى بدل من ذا، والبعل الزوج، وأصله القائم بالأمر، ولما كان الزوج قائما بالأمر سمى بعلا.
{ إنَّ هذا } أى المذكور من كون الشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة يلدان { لشىءٌ عَجيبٌ } استبعدت ذلك بالنظر إلى العادة، ولم تذكر قدرة الله مع أنها فى بيت النبوة، والآية، ومهبط المعجزات والخوارق للعادة، وكان عليها أن تتوقر ولا يستخفها ما يستخف سائر النساء، وان تسبح وتحمد ما كان التعجب، ولذلك قالوا لها ما ذكر الله عز وجل بقوله: { قالُوا أتعْجبِينَ مِنْ أمْر اللهِ }.