التفاسير

< >
عرض

قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ
٨٠
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قالَ } لوط اعتذارا لضيفه { لَوْ أنَّ لى بكُم قوَّةً } أى لو ثبت أن لى بكم قوة، والباء للإلصاق، أو بمعنى على، أو فى متعلق بقوة، أو بما يتعلق به لى، أو بمحذوف حال من قوة أو من ضميرها فى لى.
{ أوْ آوِى } عطف على جملة ثبت أن لى بكم قوة، أو على الاسمية فقط، ومعناه الحاء، وأو للتمنى أو شرطية يقدر جوابها بعد قوله: { شديد } أى لامتنعت منكم، أو لدافعتكم ولقاتلتكم، أو لحفظت عنكم وقرأ أو آوى بالنصب عطف على اسم خالص وهو قوة، أعنى أنه منصوب بأن مضمرة جوازا ومصدره معطوف على قوة، أى آويا بضم الهمزة وكسر الواو وتشديد الياء { إلَى رُكْنٍ } وقرئ بضم الكاف كالراء { شَديدٍ } أراد جماعة، أو قوما، أو عشيرة أو نحو ذلك، شبه ما ذكر بركن الجبل فى الشدة.
روى الحسن وأبو هريرة فى ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"رحم الله أخى لوطا كان يأوى إلى ركن شديد" ومراده استغراب التجاء لوط إلى ركن شديد من الناس، مع أنه لا ركن أشد من الله، وليس مراده أنه لم يلتجئ إلى الله ويجوز أن يكون المراد أن لوطا قد التجأ إلى الركن الشديد وهو الله، أو نصره فهو كافيه عن طلب سواه.
روى أن الملائكة وصلوا من إبراهيم إلى لوط نصف النهار، ووجدوه فى حرثه يسقيه، فسألوه الضيافة فقال: اجلسوا حتى أفرغ لكم، فتوجه بهم إلى منزله، وقد قال الله لهم: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات، أى كما فى الشهادة على الزنى، فإنها بأربعة رجال، وروى: حتى يشهد ثلاث شهادات، وأنزلهم فى داره، وجاء قومه، وغلق الباب، فجعل يناظرهم ويناشدهم من وراء الباب، فعالجوا فتحه فلم ينفتح، وجعلوا يتسورون الجدار.
وعن الحسن: لم يبعث الله نبيا بعد لوط إلا فى عزة من قومه، وقال بعض: فى قوة من قومه، ولما رأى الملائكة ذلك، وما يلقى لوط منهم قالوا: إن ركنك شدند، وقالوا ما حكى الله عنهم بقوله:{ قالُوا يا لُوطُ إنَّا رسُلُ ربِّك لَنْ يصِلُوا }.