التفاسير

< >
عرض

بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ
٨٦
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ بقِيَّةُ اللهِ } ما أبقى الله لكم من الحلال بعد إبقاء الكيل والوزن { خَيرٌ لكُم } أى أفضل مما تنقصون، أو منفعة دون ما تنقصون، فإنه ظاهر نام وما تنقصون حيث لا بركة فيه محق فى نفسه، وما حق لغيره من المال { إنْ كُنتُم مؤمِنينَ } قيد به أن الكافر لا يصدق بأن ذلك الباقى بعد الإيفاء خير أو منفعة دون ما ينقصون، ولا بأنه هو الطاهر النامى، أو المراد خير لكم بالنجاة من العذاب والفوز بالجنة، فالتقييد بالإيمان إنما هو لأنه لا فوز ولا نجاة مع الكفر، وفى هذا الوجه تعظيم للإيمان.
وقيل: بقية الله حظكم من ربكم وهو الجنة، خير لكم مما تحصلونه بالتطفيف، وقال مجاهد: بقية الله طاعته، قيل: وهذا لا يعطيه لفظ الآية، قلت: بل يعطيه إذ حقيقته ما يبقى لهم عند الله من الطاعة، وأضيفت البقية لله عز وجل لأنه مبقيها ومحللها، ولأنها عنده، والحرام رزق لا كله والمستنفع به، ويعاقب عليه، ويجوز أن يقال: حرام الله بمعنى أنه حرمه، وليس فى الآية ما يدل على خلاف ذلك، وإنما أضاف البقية له لأنه مبقيها ومحللها، لا لأن الحرام لا يسمى رزقا كما قالت المعتزلة، وقرأ الحسن: تقية الله أى تقواه التى تكف عن المعاصى، وهى حذر العقاب ومراقبة المحرمات، ويجوز أن يراد بالإيمان والتصديق لشعيب فيما قال.
{ وما أنَا عَليْكم بحَفيظٍ } رقيب يجازيكم على أعمالكم، بل منذر وناصح، وقد أعذر من أنذر، أو لست أحفظكم عن الوقوع فى المعاصى، فاحذروا أنفسكم ما يهلككم، أو لست أحفظ عليكم نعم الله عن الزوال إن لم تتركوا ما تزول به من الكفر والتطفيف والمعاصى، والمشهور الوجه الأول، قالوا عليه: إن شعيبا قال لهم ذلك، لأنه لم يؤمر بقتالهم، وليس بلازم لجواز أن يقول ذلك، ولو أمر به، وكان عليه السلام كثير الصلاة، وكانوا إذا رأوه صلى تغامزوا وتضاحكوا، ويقولون: ما ذكر الله عنهم بقوله: { قالُوا يا شُعيْبُ أصَلَواتُك تَأمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا }.