التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ
٥
-الناس

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ الَّذِي } نعت أو مقطوع للنصب أو الرفع شتما ويحسن الوقف على الخناس.
*{ يُوَسْوِسُ } يكلم الكلام الخفي الذي يصل القلب مفهومه سماع *{ فِي صُدُورِ } قلوب *{ النَّاسِ } قالوا
"إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس ومر برسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ومعه صلى الله عليه وسلم امرأة من نساءه فقال صلى الله عليه وسلم يا فلان هذه فلانه فقال الرجل يا رسول الله أو أظن بك هذا فقال صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش" وإذا غفل الإنسان وسوس قال قتادة له خرطوم كخرطوم الكلب وقيل كخرطوم الخنزير ويقال أيضا رأسه كرأس الحية يضعه على ثمرة القلب يمسه ويخدشه، قال النووي قال بعض العلماء يستحب قول لا إله ألا الله لمن ابتلى بالوساس في الوضوء والصلاة وشبههما فإنه إذا سمع الذكر بعد ولا إله إلا الله رس الذكر وأنفع دواء الوسواس والمريدون يأمرون بالمداومة عليه في الخلوة وشكى بعض إلى أبي سليمان الداراني الوسواس فقال إذا أردت أن ينقطع فأي وقت أحسست به فافرح فإنك إذا فرحت به انقطع عنك لأنه ليس شيء ابغض إلى الشيطان من سرور المؤمن وإن غتممت به زادك. وعن بعض الأئمة إنما يبتلي بالوسواس من كمل إيمانه فإن اللص لا يقصد بيتا خربا، وعن بعض جعل الله قلب ابن آدم كالزجاجة فلا يعمل شيئا من الشر إلا رمى إليه ملك موكل عليه نهيا من الله وزجرا ينكر عليه ذلك ويلقي اليه الأمر بالطاعة فذلك منه نور يتلألأ فيسدل ابليس إنه الأمر من الله بالخير فيلقي الوسوسة.
قال بعض الصحابة يا رسول الله إنا نحدث بشيء يعترض لقلوبنا لأن يقع أحدنا من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق أحب اليه من أن يتكلم به فقال صلى الله عليه وسلم أوجدتموه قالوا نعم قال ذلك صريح الإيمان، وفي رواية تلك برازيخ الإيمان قال الغزالي هذا يحمل على الكراهة الصارفة للوسوسة لأنها صريح الإيمان وقد يدعو الشيطان الى الخير المفصول ليصرف عن الفاضل وقد يدعو إلى خير ليجر إلى ذنب لا يفئ به ذلك الخير وهو كلب الله عز وجل فادعه ليصرفه عنك واستعذ به منه فلو اشتغلت به لأتعبك وقد يظفر بك فإنه كلب سلطه الله عليك تسليط تخلبه لا قهر وهو كالكلب النابح إن أقبلت عليه أولع بك ونبح وإن أعرضت سكت وسكن وأدخل الطاعة مجردا عن التعرض له مخلصا لله وإن عارضك فانفه باختصار واشتغل عنه هذا ظهر مالي من التحقق وهو أولى ما تراه مسطورا في كتب الفقه أن شاء الله.