التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ
١١
-يوسف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قالُوا يَا أبانَا مالَكَ لا تأمنَّا } أى مالك تكون غير آمن لنا، بل خائفا منا { عَلَى يُوسفَ } وجملة لا تأمنا حال من الكاف، والأصل لا تأمننا بضم النون سكنت وأدغمت لكن باشمام الضمة، وحقيقة الإشمام فى ذلك أن يشار بالحركة إلى النون لا بالعضوء إليها، فيكون ذلك إخفاء لا إدغاما صحيحا، لأن الحركة لا تسكن رأسا، بل يضعف الصوت فيها فيفصل بين المدغم والمدغم فيه لذلك، وهذا هو الصواب لتأكيد دلالته، وصحته فى القياس، قاله أبو عمرو الدانى قال وكل السبعة قرأ بالإدغام، انتهى. وقرئ فى غير السبع بلا إدغام، وقرئ أيضا بلا إشمام مع إدغام، والمشهور عن نافع الإدغام باشمام، وروى عنه بلا إشمام قال بعضهم ترك الإدغام شاذ، لأنهما من كلمتين ا. هـ.
والظاهر تعليق من ترك إلا بشاذ لأن كونهما من كلمتين إنما يقتضى ترك الإدغام لا الإدغام، وقرئ تيمنا بكسر حرف المضارعة، وقلب الألف ياء والإدغام، وفى نسخ المقارنة نون حمراء بين الميم والنون.
{ وإنَّا له لنَاصِحونَ } حال من ضمير فى تأمنا، أو من المستتر فيه، والنصح له الشفقة عليه، وإرادة الخير له، والقيام بمصالحه وحبه: لما عملوا أن يعقوب محافظ على يوسف عنهم لما يتراءى له من حسدهم، وأنه محسن منهم بما أوجب أن لا يأمنهم عليه، بدءوا له بما يستتر له عن رأيه، بأن شرعوا فى الإنكار عليه فى تركه يوسف بلا إرسال معهم فى خرجاتهم إلى مراعيهم، كأنهم قالوا: أتخافنا عليه إذا أرسلته معنا، والحال أنا ناصحون له.
أظهر من الوله ما يظن به أن ما يحذره منهم خطأ منهم فيهم، وأنه شئ لا يقع، وهذا أولى من قول مقاتل: إن فى الكلام تقديما وتأخيرا، وذلك أنهم قالوا: { أرسله معنا } فقال: { إنى ليحزننى } إلى قوله: { غافلون } فقالوا:{ مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون } وروى أنهم لما قالوا: يا أبنا مالك، لاهتزت أركان يعقوب، واصفر واصطكت أسنانه، كأنه علم ما فى قلوبهم، لأنه رآهم على صور الذئاب كما يأتى إن شاء الله.