التفاسير

< >
عرض

قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ
٤٧
-يوسف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَالَ } يوسف { تزْرَعُون سَبْع سِنينَ دَأبا } أى تزرعون على عادتكم المستمرة، فالجملة خبرية لفظا ومعنى، والدأب العادة، العادة، قال أبو عمرو الدانى: قرأ حفص:دأبا بتحريك الهمزة، يعنى تحريكها بالفتح كدال والباقون بإسكان ا هـ، وعلى القراءتين هو مصدر دأب فى العمل ونصبه على نزع الخافض، أى على العادة، ولكنه نكر للتعظيم فإنهم كانوا يزرعون فى العادة بجد واجتهاد، وقد فسر بعضهم دأبا بجد واجتهاد، أو على الحالية من وقوع المصدر حالا مبالغة، أو بتأويل بأسم الفاعل فى دائبين، أو تقدير مضاف أى ذوى دأب، أو على المفعولية المطلقة لتزرعون بتقدير مضاف، أى زراعة دأب، أو لمحذوف أى تدأبون دأبا، وعلى هذا فالجملة المقدرة حال، وقيل تزرعون فى معنى الأمر، وإنما جاء بصيغة الأخبار مبالغة فى أن يمتثلوا كأنهم قد امتثلوا قوله وقبلوه، فهو يخبر عن قبولهم بدليل قوله:
{ فَما حَصَدْتم فَذَرُوه } اتركوه { فى سُنْبلهِ } لئلا يأكله السوس، على عادة طعام مصر وحنطتها التى لا لتبقى عامين بوجه إلا بحيلة إبقائها فى السنبل، وذلك نصيحة خارجة عن عبارة الرؤيا، سواء جعلنا تزرعون إخبارا أو بمعنى الأمر.
{ إلا قَليلاً ممَّا تأكُلُون } فى تلك السنين فادرسوه، أى تدرسون كل سنة قليلا يكفى السنة بمرة، أو تدرسون ما يكفى السنة شيئا فشيئا بحسب الحاجة، وهذا أولى تأكلونه فيها، ويجمع الطعام هكذا للسنين المجدبة، ويأكل الأقدم فالأقدم، والورق، والسوق، والتبن، والقشور للدواب، كذلك الفاء الأولى رابطة لشرط محذوف، والثانية فى جواب شرط مذكور، ومن للبيان، فتلك السنون هى البقرات السمان، والسنبلات الخضر لو ألقيت الحبة فيهن على حجر يابس لنبتت وأخرجت الحب الكثير ولا تُخطئ حبة من بذر إلا نبتت، واصنعوا فى الأرض الهواء واخزنوه فيها وفى المخازن، ويكون التبن والسوق والأوراق علفاً للدواب.