التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ
٥٥
-يوسف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قالَ } يوسف { اجْعَلنى عَلى خَزائنِ الأرْضِ } التى تحت حكمك حتى لا ينصرف فى حرثها وخراجها غيرى { إنِّى حَفيظٌ } لذلك عن أن يضيع منه شئ بوجه المصلحة والتدبير، والكتابة والحساب { عَليمٌ } بذلك وبوجوه التصرف، وبلغات من يأتى ليمتار، وإنما طلب الإمارة على ذلك مراعاة لمصالح الخلق، وبسط العدل، ولإيصال الخير إلى من يستحق، وغيره لا يقوم بذلك، وإنما يحرم طلب الإمارة على من يطلبها لحب الدنيا والرياسة، وأما من طلبها بتلك الطريقة فقد أحسن وله أجر عظيم، بل طلب يوسف لها واجب، لئلا يضيع الحق والخلق، والامتثال ما أوحى الله إليه أن ذلك جار على يده، لتلك النية صح له طلبها من يد كافر، ولو كان يكون تحت أمره لجواز الاستظهار على الحق بكافر أو فاسق، ولاسيما أنه أسلم الملك.
بل قيل: إن الملك هو الكائن تحت أمر يوسف، ولا يصدر إلا عن رأيه، ولا يعترض عليه، وإنما مدح نفسه بالحفظ والعلم ليتوصل إلى ذلك. لا للفخر والتطاول، فإنه يجوز للإنسان وصف نفسه بما فيه ليتوصل إلى أمر أخروى أو مباح بلا قصد رياء وفخر ونحوهما، ولا يكون من تزيكة النفس المنهى عنها، قال صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة:
"لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها" أى إذا لم يتعين طلبها كما تعين على يوسف، وعنه صلى الله عليه وسلم: من طريق ابن عباس: "يرحم الله أخى يوسف لو لم يقل: { اجعلنى على خزائن الأرض } لاستعمله من ساعته، ولكنه أخر ذلك سنة" .