التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٩٦
-يوسف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فلمَّا أن } صلة { جَاء البشيرُ } ابن أمته المذكور، وهو اسمه، ويجوز أنه يراد به الوصف، ولو وافق اسمه بالقميص { ألقاهُ } يعقوب والهاء للقميص، وقيل: ألقاء البشير، وقام صياح فى آله من البشارة فرحين، وأقبلوا يبكون فرحا، وصاحت زينة فغشى عليها، وأفاقت وأتت ولدها، ولما وصلت غشى عليها، وقال ابن عباس: البشير صفة، وأنه يهودا جاء بالقميص وألقاه هو أو يعقوب.
{ عَلى وجْهِه } أى وجه يعقوب { فارتدَّ } صار { بصيراً قالَ } لمن حضره من ولد وولد ولدٍ وقرابة: { ألم أقلْ لكُم إنِّى أعلم مِنَ اللّهِ ما لا تعْلمونَ } الجملة مقول القول إشارة إلى قوله لهم: { وأعلم من الله ما لا تعلمون } هذا هو الظاهر عندى، وقيل: إن الوقف على لكم، وإن مقول القول محذوف، أى ألم أقل لكم لا تيئسوا من روح الله، أو لم أقل لكم إنى لأجد ريح يوسف.
ثم ضم يهودا إلى صدره، ونظر فى وجه البشير ساعة ثم قال البشير: يا نبى الله، أنا الذى فرقت بينى وبين والدتى، أنا البشير فبكى يعقوب عليه السلام وقال: واحسرتاه على ما فعلت يا بشير، أما علمت أن وجع الفراق شديد، سلنى حاجتك، قال: إنى لا أحتاج إلى الدنيا يا نبى الله، فقال يعقوب عليه السلام: إذا أصابك شئ: فقل: يا لطيف يا لطيف يا لطيف الطف بى، وبجميع أمورى كلها، أمور دنياى وأخراى لما ترضى، ثم قال له: هوَّن الله عليك سكرات الموت كما كانت على العموم.
ثم رفع إليه الكتاب بخط يوسف عليه السلام، فوضعه على خده وقال: وا طول شوقاه إلى كتابك يا يوسف، ثم فكه وقرأه وفيه: يا أبت طلبت أن أزورك فأمرنى ربى أن أدعوك إلى حضرتى ومقالى، لتكون لك فرحتان، فرحة اللقاء، وفرحة العطاء، وقد أنفذت إليك يا ولدى مائة وثمانين دستا من الثياب، وعمائم مذهبة لأولاد إخوتى الذكور، وقمصان مذهبة للإناث، ولكل واحد منهم لباس، ولك دست من الثياب الملكية، وأرسل إليهم مائتى راحلة ليجيئوا عليها، أو أسألك أن لا تتزاهد فى ثيابنا، ولا تدخل مصر إلى فى هيئة حسنة لئلا يشمت بك الأعداء، والحاسدون، ويعيرونى بفقركم ومسكنتكم، فإن ها هنا كفارا قبطيين، ففعل كما أحب يوسف.
وروى أنه قال: قال البشير: كيف تركت يوسف؟ قال: تركته ملك مصر، قال: ما أصنع بالملك على أى دين تركته؟ قال: على دين الإسلام، قال: الحمد لله الآن تمت النعمة.