التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ
١٢
-الرعد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ هُو الذِى يُريكم البرْقَ } النور من خلال السحاب، خلقه الله علامة للمطر، وقيل: سوط من نار يسوق به الملك السحاب ويزجره، وروى من نور، أو قيل: نار تخرج من تضارب الماء، كما تخرج من حافر الدابة مع الحجر، وقيل: ملك يظهر للخلق، وقيل لمحة يلمحها الملك الموكل بالسحاب إلى الأرض، وقيل: مخراق حديد يسوق به السحاب.
{ خَوفا وطَمعا } حال من الكاف على المبالغة فى خوفهم وطمعهم، كأنهم نفس الخوف من إيذاء البرق وإيذاء الصواعق ويخافونها، أو المطر إذا يخاف منه المسافر ومن ثماره فى الأنذر، أو تتضرر غلته بالمطر، أو لا تخصب أرضه إن أمطرت، فإن من الأرضين ما هو كذلك، ولا تحتاج للمطر كأرض مصر، المطر فى غير أوانه، ونحو ذلك، وكأنهم نفس الطمع فى نفع البرق وهو المطر لمن له فيه نفع لا ضر، أو حال من الكاف على تقدير مضاف، أى ذوى خوف وطمع، أو على التأويل باسم الفاعل، أى خائفين وطامعين، أو باسم المفعول أى مخوفين ومطمعين على ضعف، لأنهما مصدران من الثلاثى، واسم المفعول المقدر من الرباعى.
وإن جعلا اسمى مصدر هو الإخافة والإطماع، وجعلا بمعنى مخيفين ومطمعين ففيه تكلف بتأويلين، أو حال من البرق مبالغة كأنه نفس المخرق والطمع، أو بتقدير مضاف، أى ذا خوف وطمع، وإنما أضيف للخوف والطمع، لأنهما ولو كانا للناس لكنهما بسببه أو بتأويلهما باسم مفعول الثلاثى، أى مخوفا منه بضم الخاء وإسكان الواو، ومطموعا فيه، أو حال من المستتر فى يرى على أنهما اسما مصدر بتقدير مضاف، أى ذا إخافة وذا إطماع أو بتأويل باسم الفاعل من الرباعى، أى مخوفا بكسر الواو مشددة أو مخيفا بإسكان الياء ومطمعا، وفى ذلك تكلف بتأويلين، أو مفعول لأجله على التأويل باسم المصدر، أى لأجل الإخافة والأطماع من لم يشترط اتحاد فاعل المفعول لأجله، وفاعل عامله أجاز كون ذلك مفعولا لأجله بلا تأويل باسم المصدر، فإن الإراءة فعل الله تعالى، والخوف والطمع فعلان للخلق.
وقال ابن مالك: إنه مفعول لأجله ولو على اشتراط الاتحاد، إذا المعنى يجعلكم ترون البرق خوفا وطمعا، قلت: يلزم عليه أن هذه الرؤية الثلاثية لم تكن فى لفظ الكلام، ولم تكن شيئا محذوفا مقدرا، بل المذكور يرى الرباعى، وبه تعلقت الأحكام النحوية، وأنهم ليسوا يرونه ليخافوا ويطمعوا، بل يريهم الله ليخافوا ويطمعوا، ثم رأيت الصبان رد عليه بذلك، ويجوز كونه مفعولا مطلقا لحال محذوفة، أى خائفين أو تخافون خوفا أو طامعين أو تطمعون طمعا، وهذه الحال من الكاف.
{ ويُنشئ } يوجد { السَّحابَ } اسم جمع واحدة سحابة، ولذلك وصف بالجمع ويطلق أيضا على الواحد فيكون اسم جنس، وهو الغنم فيه ماء، أو لم يكن، قال على: هو غربال الماء اشتكت الأرض لله تعالى من ماء الطوفان إذ نزل بلا كيل ولا وزن، فخددها وخدشها، فأوحى الله إليها أنه لا ينزل بعد إلا مغربلا موزونا، فخلق السحاب غربالا لها، قيل: هو ثمرة شجرة فى الجنة، وقيل: السحاب مركب من أجزاء حللتها الشمس من أرض وماء لطيفة، فتداخل، فالأجزاء الأرضية تسمى دخانا والمائية بخارا فتدافع، وفوقها الزمهرير، وقيل: رغوة البحر الأكبر الضاربة لها أمواجه الملقية لها على الساحل، الحاملة لها الريح، بعد جفافها إلى الجو الخالق الله المطر فيها، وقيل المطر من السماء إلى السحاب، ومن السحاب إلى الأرض، قيل: من السحاب، وسمى سماء لعلوه، وقيل: هو ماء السيل تحمله الملائكة للسحاب، وقيل: من ثمار الجنة تتشقق فيخرج منها، وقيل: سمى لانسحابه فى الهواء، أو لأن الريح تسحبه، أو لأنه يحسب الماء والسحب الجر.
{ الثِّقالَ } بالماء جمع ثقيلة، سحابة ثقيلة، وسحاب ثقال، ولا يمطر من السحاب إلا ما استوى.