التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
١٩
-الرعد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أفمنْ يعْلم أنما أنزِل إليكَ مِنْ ربِّك الحقُّ } يؤمن به ويعمل به، وما اسم موصول اسم أنَّ، والحق خبرها، فمفيد الحصر تعريف المسند إليه والمسند، أو ما كافة والحق نائب الفاعل فمفيد الحصر أنما، ودخلت الهمزة على الفاء لإنكار أن تقع شبهة بعد ما ضرب من الماء، كأنه قيل: أيشك أحد بعد ذلك أن البصير بانحصار الحق فيما أنزِل إليك.
{ كمَنْ هُو أعمْى } عمى القلب لا يعلم أن ذلك هو الحق ولا يعمل به، ولا يستبصر، ليسا سواء بل بينهما ما بين الماء، وخلاصة الموقد عليه، وبين الزبد، والآية على العموم، وقيل: نزلت فى حمزة عم النبى صلى الله عليه وسلم وأبى جهل، وهو مشهور، قال به ابن عباس: وقيل: فى عمار بن ياسر وأبى جهل فمَنْ يعلم هو حمزة أو عمار، ومن هو أعمى أبو جهل على القولين، فالآية عمت أيضا بلفظها، ولو كان سبب النزول خالصا، ولا يجوز أن يراد بالأعمى عمى العينين، على أنه إذا علم أنه لا يستوى بمن علم أن ذلك حق، علم أن العالم بذلك لا يستوى به جاهله خلافا لبعض، لأن التعبير فى الشق الأول بالعلم وتسليطه على حقبة ما أنزل بإتيان ذلك.
{ إنَّما يتذكَّر أولُوا الألبابِ } أصحاب العقول، العاملون على ما تقتضى عقولهم، ولا المعرضون عما يقتضيه المتابعون لمن بينهم وبينه ألفة، وما ألفوه وما توهموه.