التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ
٤٣
-الرعد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ويقُولُ } لك { الَّذين كفرُوا } مطلقا أو رؤساء اليهود، أو اليهود، أو مشركو مكة { لسْتَ مُرسلاً } إلى أحد ولا نبيا.
{ قلْ } لهم { كفَى باللّهِ شَهيداً } على نبوتى ورسالتى { بينى وبيْنَكم } لإظهاره من الأدلة عليهما ما يغنى عن شاهد عليهما { ومَنْ } معطوف على لفظ الجلالة فمحله الرفع، ويجوز أن ينوى فيه الجر تبعا على اللفظ، والرفع تبعا على التقدير، فإن لفظ الجلالة فاعل على الصحيح { عِنْدهُ عِلْم الكِتابِ } وعند متعلق بمحذوف خبر، وعلم مبتدأ، والجملة صلة، أو عند يتعلق بفعل محذوف صلة من، وعلم فاعل عند اعتماده على الموصول، والكتاب القرآن، والذى عنده علمه من قراءة وفهمه بما فيه من المعجزات، والبلاغة الفائتات لقوى البشر.
وقال ابن عباس فى رواية العوفى: الكتاب الجنس الصادق بالتوراة والإنجيل، وهما المراد، والذى عنده علمه اليهود والنصارى، فإنهم يجدونه فيهما بنعته كما هو.
وقال قتادة: الذى عنده علمه من أسلم من اليهود والنصارى، فإنه وجوده فيهما بنعيه كعبد الله بن سلام، وقد مر أنه قال فىَّ نزلت.
وأنكر ابن جبير والشعبى هذا القول: بأن السورة مكية وهو ومثله أسلما بالمدينة. والجواب أن الآية مدنية، ولو كان فى السورة مكية كما مر.
وقال الحسن: ومجاهد: الكتاب اللوح المحفوظ، والذى عنده علمه الله، قال الحسن: لا والله ما يعنى إلا الله، أى وكفى بالذى لا يستحق العبادة إلى هو، ولا يعلم ما فى اللوح سواه شهيدا فيجازى الكاذب منا، ويؤيده قراءة بعض: ومن عنده علم الكتاب بكسر الميم والدام، وتعلق بمحذوف خبر، وعلم مبتدأ، وقراءة ابن عباس وغيره فى رواية عنه كذلك مع ضم عين العلم وكسر لامه، وتعلم من يعلم لكن الكتاب على القراءتين جنس كتب الله التوراة والإنجيل وغيرهما، وليس هذا بضائر لأن كتبه كلها فى اللوح المحفوظ.
قلت فى قول الحسن ومجاهد: ضعف، لأن الله ومن عنده علم الكتاب فى قولهم شئ واحد كالأشياء، وهو واجب الوجود لذاته، فلزم فيه عطف ما هو فى المعنى، ولو لم يصح أن يكون صفة فى الصناعة، وهو من علم الموصوف وهو الله تعالى عن كل نقص، وهذا ولو جاز لكنه ضعيف كقولك: جاء زيد العالم، تريد بالعالم زيدا وإنما القوى عطف صفة على أخرى، كجاء زيد العالم والعاقل، تريد بالعاقل زيدا الذى وصفته بالعلم وضعفه الزجاج أيضا بأن الله تعالى لا يشهد على صحة حكمه لغيره.
قلت بل يشهد من حيث إن إظهاره الدلائل حتى لا ينكرها إلا معاند شهادة، ويستشهد به النبى صلى الله عليه وسلم وغيره على طريق المسالمة، كما تقول: قد علم الله أنى صادق ولو كذبتنى.
صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.