التفاسير

< >
عرض

رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣٦
-إبراهيم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ رَبِّ } عائد إلى قوله اجنبنى كأَنه قيل يارب اجعل هذا البلد آمنا ويارب اجنبنى وبنى أن نعبد الأَصنام أو عائد إلى قوله { إِنَّهُنَّ } أى الأَصنام رد إِليها ضمير جماعة الإِناث نظراً إِلى كونه جمع قلة لغير عاقل ولو كان المراد الكثرة، { أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ } إِسناد الإِضلال إِليهن من الإِسناد إلى التسبب أى لكونهن سبباً للإِضلال سأَلت منك العصمة منهن والأَنسب بهذا المعنى أن يعود قوله رب إلى اجنبنى فيكون قوله إنهن الخ، تعليلا لقوله اجنبنى. قال الطبرى عن مجاهد: الصنم ما نحت على خلقة البشر والوثن ما نحت على غير خلقته. ا هـ، والمشهور ترادفهما، وقيل المراد هنا بالأَصنام الدنانير والدراهم وعبادتها شدة الحرص عليها وجمعها من حلال وحرام أو منع الحقوق منها { فَمَن تَبِعَنِى } على دين الإِسلام { فَإِنَّهُ مِنِّى } أى كبعض من جسدى لشدة شفقتى عليه وحبى له وتوجعى بما يوجعه وفرحى بما يفرحه كما هو حق الأخوة فى الله تعالى، أو أراد أن حكمه حكمى فى أمر الدين وغيره وذلك أولى من قول بعضهم فإنه من أهل دينى، { وَمَنْ عَصَانِى } لم يتبعنى على دين الإِسلام { فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قادر أن تغفر له وترحمه بأن توفقه للتوبة ودين الإِسلام والطاعة هذا ما ظهر لى ثم رأيته للسدى، وقال المحلى: أراد أنك قادر أن تغفر له وترحمه ولو لم يتب عن شركه، وإن هذا قبل أن يعلم إبراهيم أن الله جل جلاله لا يغفر الشرك، وسبقه إلى ذلك ابن الأنبارى ويناسب ذلك استغفاره لأَبيه غير أنه يحتمل أنه استغفر له على شريطة التوبة وفى ولاية الشريطة فى هذه الأُمة بحث، وأما من تقدم قبلها ففى شرائعهم خفاء عنا، وقال مقاتل: من عصانى فيما دون الشرك، وأجازه ابن الأنبارى والواضح أنه لا يغفر ما دون الشرك بلا توبة كما لا يغفر الشرك بدونها ولا يخفى ما فى قوله فإِنك غفور رحيم من الأَخذ بالقول الجميل والأَدب، قال قتادة: اسمعوا قول الخليل ـ صلى الله عليه وسلم ـ "والله ما كانوا طعانين ولا لعانين" ، وكذلك قال نبى الله عيسى ـ عليه السلام ـ: وإنْ تَغفِرْ لهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العزيزُ الْحَكِيم.