التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
٥
-إبراهيم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنا } كاليد والعصى والطوفان وفلق البحر وقال الحسن بديننا. وقال مجاهد ببياننا وماصدقهما واحد ومرادهما آيات التوراة. { أَنْ أَخْرِجْ } أن تفسيرية لأَن الإِرسال فيه معنى القول دون حروفه، ومن أجاز دخول أن المصدرية على الأَمر والنهى أجاز أن تكون مصدرية بتقدير الجار أى أرسلناه بأَن أخرج، وعلى جوازه الزمخشرى والبيضاوى قائلين إن صيغ الأَفعال سواء فى الدلالة على المصدر، والصحيح عندى المنع لحجج ذكرتها فى كتب النحو وصحيح ابن هشام الجواز لدلائل قد أجبت عنها، نعم سمع سيبويه: كتبت إِليه بأَن قم، وهو محتمل لأَن يكون المراد كتبت إِليه بهذا اللفظ الذى هو قولك أن قم. { قَوْمَكَ } بنى إسرائيل. وكانوا قد دخلهم الكفر ما بين مقلل منه ومكثر إلا من شاء الله. { مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } مثل الذى مر. { وَذَكِّرْهُم } حضهم { بِأَيَّامِ اللهِ } وهذا مكتوب فى المصاحف بباءين محذوف الأَلف هكذا بايام الله ولست معتبراً لمثل هذا ولا لما فيها من حذف الهمزة للنقل على طريق ورش بل أثبتها وذلك قصد للبيان وإنما لم أعتبره لأَنى بصدد التفسير ولو كنت فى كتابة المصحف مجرداً عن التفسير لاعتبرت ذلك ولم أتساهل، وكم محذوف أثبته وأيام الله وقائعه بالأُمم الكافرة السابقة عن قوم موسى مثل ما أصاب قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم إِبراهيم، هذا هو الذى يتبادر لى. يقال أيام العرب أى حروبها وذلك تسمية للحال باسم المحل الذى هو الزمان ثم إِنى رأيت الزمخشرى استظهر ذلك والحمد لله وهو قول مقاتل. ويجوز أن يراد بالأَيام نفس الأَزمان التى كانت فيها الوقائع لأَن التذكير بها تذكير بالوقائع.
وقال ابن عباس وأُبى بن كعب ومجاهد وقتادة: أيام الله نعمه، وأثبته الداودى حديثا عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وروى عن ابن عباس أنها النعم والنقم وأن النعم تظليل الغمام والمن والسلوى وفلق البحر، وأن نقمة إِهلاك القرون وكذا قال الكلبى. وعن الحسن أنها النعم التى أنعم عليهم بها من نحو المن والسلوى والنقم التى كانوا فيها تحت القبط من الاستعباد وقتل الأَبناء. وقيل المراد النقم التى كانوا فيها تحتهم فقط دون النعم.
{ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } لكل كثير الصبر على البلاء والشكر على النعماء وخص الكثير الصبر والشكر لأَنه المنتفع بالآيات الانتفاع الكامل، فهو إِذا سمع إِنعاما على من قبل أو انتقاما منهم اعتبر وتنبه للصبر والشكر الواجبين عليه وأما قليل الصبر والشكر فقليل الانتفاع وأما من لا يصبر ولا يشكر فلا انتفاع له أصلا وقيل أراد بكل صبار شكور كل مؤمن وعبر بذلك تنبيها على أن المبالغة فى الصبر والشكر واجبة على المؤمن وإِن الصبر والشكر عنوانه.