التفاسير

< >
عرض

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً
٢٨
-الإسراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإمَّا } إن الشرطية وما زائدة. { تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ } أى عن ذى القربى والمسكين وابن السبيل كناية بإِعراضك عنهم عن الرد لاستحيائك من التصريح بالرد إِذا لم تجد ما تعطيهم أو الإِعراض فى الآية كناية عن عدم الإِعطاء. { ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } أى انتظار رزق من ربك ترجوه أن يأْتيك فتعطيهم، وابتغاء مفعول لأَجله أى أعرضت عنهم للانتظار حتى يفتح لك لتعطيهم لا لشح أو بغض أو لم تعطهم لعدم الاستطاعة أو حال بمعنى مبتغياً أو ذا ابتغاء أى منتظراً أو ذا انتظار وقيل ابتغاء بمعنى الفقد ووجهه أن الفقد سبب للابتغاء الذى هو الانتظار والطلب والابتغاء مسبب عن الفقد، فعبر بلفظ المسبب عن السبب أى لفقد رزق من ربك ترجوه أن يفتح لك ولا يجوز أن يكون مفعولا لأجله لقل أو حالا من الضمير فى قل لن ما بعد فاء الجواب لا يعمل فيما قبلها إلا فى اسم الشرط نفسه وإلا إذا كانت الأداة إِما خلافاً للزمخشرى والقاضى إِذا جاز أن يكون معمولا لقل. { فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً } مليناً مجعولا فيه سهولة فهو اسم مفعول من يسر بالتخفيف على أنه يستعمل متعدياً كما يستعمل لازما أو الأَصل ميسوراً فيه أو به على الحذف والإِيصال على أنه من يسر المخفف اللازم وقيل هو مصدر جاء على وزن اسم مفعول فيقدر مضاف أى قولا ذا يسير وعلى الأَوجه كلها فالمراد القول الذى فيه دعاء بالخير وترجية لهم بالإِعطاء عند مجئِ الرزق وعد يطيب قلوبهم مثل أن يقول: رزقنا الله وإِياكم من فضله. وروى أنه كان يقول بعد نزول هذه الآية يرزقنا الله وإِياكم من فضله. وبهذا فسر ابن عباس القول الميسور، وفسر الرحمة بالرزق، وقال الحسن: كان السائل يسأَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول والله ما أصبح فى بيوت آل محمد صاع من طعام وهى يومئذ تسعة أبيات ولم يكن شكوى ولكن اعتذار، وذكر الحسن عن عائشة رضى الله عنها قالت: لا تقول للسائل بارك الله فيك فإِنه قد يسأَل البار والفاجر، ولكن قولوا: يرزقنا الله وإِياك وفيه دليل لمن منع من أصحابنا أن يقول لغير المتولى بارك الله فيك ولكن لا بأْس به إِذا أريدت بركة الدنيا التى لا يضر بها الإِسلام أو أهله، وذكر الحسن "أن سائلا قال: يا رسول الله بت البارحة بلا عشاء وما أحسبنا الليلة نجده. فقال: يرزقنا الله وإياك من فضله اجلس، فجلس ثم قام آخر فقال مثل ذلك، فرد عليه رسول الله مثل ذلك فأَتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأَربع أواق من ذهب فقال: أين السائلان؟ فقال الرجلان فأَعطى كل منهما أوقية ولم يسأَله أحد فرجع بأوقيتين فجلعهما تحت فراشه فسهر، فقال عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها ما أسهرك يا رسول الله، أوجع أو أمر نزل بك. فقال: يا عائشة أتيت بأَربع أواق فأَمضيت اثنتين وبقيت اثنتان فخشيت أن يحدث بى حدث ولم أمضهما" .