التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً
٣٢
-الإسراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلاَ تَقْرَبُوا الْزِّنَى } النهى عن القرب من فعل الشئ أبلغ من النهى عن فعله ولذلك لم يقل لا تزنوا بل قال: لا تقربوه ليشتمل القرب إِليه بتمنيه والرضى به والعزم عليه واستحضاره بتشبه ونظر الشهوة ومسها واستمتاعها ومشيها ونحو ذلك كالكلام بها من مقدمات الزنى، فإِذا كان النهى عن مقدماته كان النهى عنه بالأَولى. { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً } خصلة أو فعلة زائدة القبح وظاهرته. { وَسَاءَ } أى بئس هو أى الزنى. { سَبِيلاً } فلا يقدر مخصص بالذم وإِن رجعت الضمير فى ساء إِلى مبهم مفسر بالتمييز وهو سبيلا قدر المخصوص أى ساء سبيلا سبيل الزنى، أو ساء سبيلا هو أى الزنى، ووجه كونه فاحشة وكونه مبالغا فى السوء أن طريقه غصب فرج امرأة أو غيرها، ولا يخرجه رضاها أو رضى غيرها عن الغصب، لأَن حرمة الزنى حق لله فإِن كانت امرأة ولم ترض كان أيضاً غصباً عن مخلوق كما فى حق الله وإِن كانت ذات زوج كان غصب ثالث أيضاً إن لم يرض ورضاه لا يبيح الزنى وكذا أمة إن لم ترض ولا مالكها فثلاث غصبات، وإِن كانت ذات زوج ولم يرض فأَربع، وإِن كان طفلا أو طفلة ولم يرض فغصبان بل ثلاث غصب عنه عن قائمه إن لم يرض وغصب فى حق الله، وكذا فى الدابة إن تضررت بالزنى ولم يرض مولاها وكذا العبد فإِن تزوج فحق رابع وهو حق زوجته، مع ما فى الزنى فى ذلك كله من إِيجاب الحد على نفسه وعلى المزنى به البالغ غير المكره وخلط الأَنساب، فلا يعرف الإِنسان ولد من هو ولا يقوم أب بتربيته وذلك يوجب خراب العالم، عافانا الله وحفظنا، وإِن كان على فراش زوج فإِن الولد له بحكم الشرع وبحقوقه يؤخذ فيكون الزانى ظالماً له فى التعدى على فراشه وفى الحقوق التى يؤخذ بها على الولد، مع أن سبب حل الجماع ممكن وهو العقد بولى مثلا وشهود ورضى الأنثى إِن كانت خالية عن زوج مانع نسب أو رضاع أو حرمة أو نحو ذلك.