التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً
٥٢
-الإسراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَوْمَ } ظرف لمحذوف أى يقع البعث يوم أو هو واقع يوم أو يتعلق بمحذوف خبر لمحذوف، أى هو ثابت يوم جوابا لقولهم متى هو، هذا ما ظهر لى من الأَوجه وأجاز بعضهم أن يكون بدلا من قريباً على أن قريباً ظرف، وظاهر عدم عرض القاضى وغيره له أنه يتعلق بيكون أو بقريباً ولا يحسن ذلك لضعف المعنى عليه. { يَدْعُوكُم } أى ينفخ إِسرافيل فى الصور إِلى الموقف فى الشام أو يقدر مضاف أى يدعوكم داعيه وهو إِسرافيل { فَتَسْتَجِيبُونَ } تجيبون دعاءه ولا تمتنعون فتحضرون إِلى الموقف من قبوركم للحساب والجزاء ويجوز أن يكون الدعاء والاستجابة كناية عن البعث والانبعاث أو استعارة لذلك تنبيهاً على سرعة ذلك وتيسره كأَنه قولك يا زيد وقول زيد لبيك { بِحَمْدِهِ } حال أى ملتبسين بحمده على كمال قدرته. قال ابن جبير: جميع العالمين يقومون وهم يحمدون الله ويمجدونه لما يظهر لهم من قدرته وظاهر كلامه أن الخطاب بجملة الناس وهو محتمل والظاهر أنه لمنكرى البعث ويحتمله كلام ابن جبير بأَن عمم فى كلامه لمجرد الإِخبار بالواقع لا تفسيراً للآية بالعموم، قيل إن الناس ينفضون التراب عن رءوسهم حين البعث. قال ابن جبير يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك. وقال ابن عباس: بحمده بأَمره، وقيل بطاعته. وقال الحسن: بمعرفته. وقيل: بإِقرار أنه خالقهم وباعثهم وذلك حمد واعتراف حين لا ينفعهم ويجوز أن يكون المعنى بانقياد لبعثه مع كرههم له انقياد الحامد على الشئ المحب هو له وهذا مبالغة فى الانقياد بعد الإِباء كقولك لمن تدفعه إِلى السجن ويمتنع ستدخله حامدا أى تدخله قهراً وتنقاد له كأَنه أمر محبوب عندك، وقيل الخطاب للمؤمنين يبعثون حامدين لربهم، وقيل بحمده خبر المحذوف هو من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أى ذلك بحمد الله على صدق خبرى { وَتَظُنُّونَ } بعد البعث. { إِن لَّبِثْتُمْ } أى ما لبثتم فى قبوركم أو فى الدنيا. { إِلاَّ قَلِيلاً } زماناً قليلا أو لبثا قليلا استقصروا مدة لبثهم فى ذلك كأَنها يوم أو بعض يوم لما يرون من هول القيامة. قال قتادة: تحاقرت الدنيا فى أنفسهم حين عاينوا الآخرة حتى سرى التحقير إِلى مدتها أو حباً لحياتها السالمة من هول القيامة. فقللوا مدتها لأَن أيام الرخاء قصار تمر والإِنسان غافل كأَنها ساعة، وقيل تقليلها بالنسبة إِلى الخلود لأَنهم لما بعثوا تيقنوا أن الخلود الموعود به لهم حق والظن هنا بمعنى اليقين، وقيل على بابه وأنهم شكوا فى قلة اللبث فى القبر ورجوه لأَن من فى الآخرة قبل البعث كالنائم لا يحقق المدة إلا بأَمر خارج.