التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا
١
-الكهف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ الحَمْد لِلهِ } أى يوصف بالجميل ثبات لله والمراد تلقين العباد كيف يثنون على الله على أعظم الحمد وهو إنزال القرآن فإن تعليق الحكم بالمشتق يشعر بمليته
وقد علق الحمد على إنزال الكتاب والموصول الاسمى وصلته كشئ واحد كلاهما وصف. ويجوز أن يكون المراد الإعلام بالثناء ليؤمنوا به وأن يراد ذلك كله. وقد ذكرت ما شاء الله من مسائل الحمد والشكر والمدح فى حاشية أبى مسألة عند كلامه على الشكر والحمد آخر الكتاب.
قيل: إن الحمد اللغوى الثناء باللسان على الجميل الاختيارى عَلَى جهة التبجيل من نعمة وغيرها والعرفى فعل ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم سواء كان باللسان أو الأركان والشكر اللغوى والحمد العرفى صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه به من سمع وبصر وغيرهما إلى ما خلق لأجله من العبادة فبين الحمدين عموم وخصوص من وجه يجتمعان فى الثناء باللسان فى مقابلة الإحسان وينفرد اللغوى فى الثناء باللسان لا فى مقابلة الإحسان والعرفى فى الثناء، بالجَنان والأركان وبين الشكرين عموم مطلق يجتمعان فى فعل منبئ عن تعظيم البارى سبحانه وتعالى وينفرد اللغوى فى فعل منبئ عن تعظيم غيره. وبين الحمد اللغوى والشكر اللغوى عموم من وجه يجتمعان فى اللسان فى مقابلة الإحسان وينفرد الحمد فى غير الإحسان والشكر فى الجَنان والأركان وبين الحمد العرفى والشكر العرفى العموم المطلق يجتمعان فى تعظيم غيره وبين الحمد اللغوى والشكر العرفى العموم المطلق كذلك لأنه كما تحقق صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه تحقق الثناء باللسان من غير عكس كلى وبين الحمد العرفى والشكر اللغوى التساوى كلما صدق هذا صدق هذا على عدم اشتراط وصول النعمة إلى الشاكر فى الشكر اللغوى وإن اشترط فالعموم المطلق والعرفى من اللغوى وهذا جدول يجمعها:
بين الحمد اللغوى والحمد العرفى عموم وخصوص من وجه وبين الشكر اللغوى والشكر العرفى عموم مطلق وبين الحمد اللغوى والشكر اللغوى عموم وخصوص من وجه وبين الحمد العرفى والشكر العرفى العموم المطلق وبين الحمد اللغوى والشكر العرفى العموم المطلق وبين الحمد العرفى والشكر اللغوى التساوى.
ومن كتب الآية إلى قوله "أبدا" فى إناء طاهر ومحاها ورشها فى حيطان منزله لا ينال الأرض منها شئ فى أول كل شهر جلب الرزق له وعمر منزله وجمع شمله.
{ الَّذِى أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ } محمد.
{ الكِتَابَ } القرآن علق الحمد بإنزال الكتاب لأن إنزاله نعمه عظيمة للعباد فى دنياهم وآخراهم.
{ وَلَمْ يَجْعَل لَهُ } أى للكتاب ويجوز كون اللام بمعنى فى.
{ عِوَجاً } ميلا عن الاستقامة فى لفظه ولا فى معناه فلفظه فى غاية الفصاحة ومعانيه صحيحة بليغة غير متنافية.
وقد فسر العوج بالاختلاف وبالالتباس وبالناقص.
وزعموا عن ابن عباس وغيره أن المراد لم يجعله مخلوقا. وهو كذب عنه والمحفوظ عنه على صحة أنه مخلوق وهو الصواب وكذا روى عنه فى قوله عز وعلا
{ { غير ذي عوج } }. قال ابن الأثير: العوج بالكسر فى المعانى وبالفتح فى الأجسام وذلك مشهور وهو أول ما حفظت فى المسألة.
وقال الجوهرى وغيره: إنه بالكسر لما فى أرض أو دين أو معاش وبالفتح لما ينصب كالحائط والعود. وقال أبو عمرو الشيبانى: هو بالكسر فى المعانى والأجسام وبالفتح المصدر والواو فى { ولم يجعل له عوجا } للحال والجملة حال من الكتاب أو للعطف والجملة على أنزل.