التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً
١٠٥
ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً
١٠٦
-الكهف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا } مبتدأ وخبر. { بِآيَاتِ رَبِّهِمْ } بدلائل توحيده ونبوة رسوله من القرآن والمعجزات وسائر ما يدل على وجود الله جل وعلا من المخلوقات { وَلِقَائِهِ } أى بالبعث المترتب عليه الجزاء أو المراد ولقاء جزائه.
وإن قلت: أَهل الكتاب مقرّون بالبعث؟
قلت: نعم لكن لما أنكروا القرآن ورسالة سيدنا محمد ونبوته كانوا كافرين بالبعث وبسائر كتب الله وأنبيائه ودلائله؛ فإن منكر شئ واحد مما أثبت الله منكر لكل ما أثبت.
وأيضا من أهل الكتاب من يقر برسالته إلى العرب فقط وهو أيضا كافر لذلك كله ولا سيما أن فى القرآن أن رسالته للناس كافة. ومنهم من يقرّ ببعث الأرواح دون الأجساد فهو أيضا كافر لذلك كله.
{ فَحَبِطَتْ } بطلت.
{ أَعْمَالُهُمْ } بسبب ذلك الكفر كما تدل عليه الفاء.
{ فَلاَ نُقِيمُ } أى لا نثبت.
{ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَٰمَةِ وَزْناً } أى حساباً لأنه لا عمل لهم غير باطل فضلا عن أن نحسبه لهم ولو كان كجبال تهامة. شبّه إظهار عمل الإنسان وبيان ما يترتب عليه من الخير بوزن شئ وعبَّر عنه بوزن ونفاه لا عملَ خيرٍ لهم باق ويدخلون النار بغير حساب.
ويجوز أن يكون وزنا بمعنى مقدارا من الخير قال صلى الله عليه وسلم:
"إنه ليأتى الرجل العظيم السمين يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة وقال: اقرأوا إن شئتم { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا }" رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة. وقرئ فلا يقيم بالثناة التحتية قبل القاف.
{ ذَلِكَ } هذا من باب التخلص وهو خبر لمحذوف أى الأمر ذلك والإشارة إلى عدم إقامة الوزن لهم أو حبط الأعمال والجملة بعد ذلك مبنية لتمام المعنى ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر من قوله: { جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ } خبره والرابط محذوف أى ذلك جزاؤهم جهنم به وهذا الذى قدرت متعلق بنسبة الخبر للمبتدأ الثانى أو يتعلق بجزاء فيحسن تقديره فقيل: جهنم أى الذى يجزونه بسبب ذلك جهنم أو ذلك مبتدأ خبره جزاؤهم وجهنم بدل من الخبر بل بيان والمعتبر هنا المبدل منه أو من جزاؤهم بدل اشتمال من ذلك وجهنم خبر ذلك والمعتبر هنا البدل.
{ بِمَا كفَرُوا } ما مصدرية أى بكفرهم وإذا لم نقدر لفظة به فلا يخفى أن هذه الباء للسببية وإذا قدرناها فهذه للاستعلاء المجازى أو للتعويض توسعاً كأنه قيل لهم ذلك الجزاء عوض كفرهم.
{ وَاتَّخَذُوا آيَاتِى وَرُسُلِى هُزُواً } مر مثله والعطف على كفروا أى بكفرهم واتخاذهم آياتى ورسلى هزوا.