التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً
٥٧
-الكهف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَنْ أَظْلَمُ } الاستفهام إنكارى أى لا أظلم لنفسه.
{ مِمَّنْ ذُكِّرَ } وعظ.
{ بِآيَاتِ رَبِّهِ } القرآن { فَأَعْرَضَ عَنْهَا } لم يتذكر بها فلم يؤمن.
{ وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } من الكفر والمعاصى ولم يتفكر فى عاقبتهما وفى أن المحسن والمسئ لا بد لهما من جزاء والنسيان نسيان ترك وعدم مبالاة لا زوال عن الحافظة لأنهم يتذكرون كثيرا مما عملوا ويحفظون كثيرا إلا أن يشبه عدم المبالاة به بنسيانه. وأسند التقديم لليدين لأن أكثر الأعمال فى الجملة باليدين فأسند التقديم إليها ولو فيما هو فعل قلب أو حاسة أو جارحة أخرى.
{ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةَ } جمع كنان أى غطاء جمع قلة بوزن أفعلة أصلهُ أكننة نقلت كسرة النون الأولى للكاف وأدغمت النون فى النون والمراد الكثرة وليس جبرا على المعصية وعن أن يفقهوا القرآن سبحان الله وتعالى بل خذلان لسوء اختيارهم لأنفسهم كما يقول:
{ { وطبع على قلوبهم } أى خذلوا. والجملة مستأنفة لتعليل قوله: أعرض وقوله: نسى وضمير الجماعة فى قوله على قلوبهم وما بعده عائدة إلى مَن نظراً لمعناها من عدد الأفراد لا نظراً للفظها.
{ أَنْ يَفْقَهُوهُ } أى عن أن يفقهوه أو من أن يفقهوه لتضمن أكنة معنى موانع أُولئك أن يفقهوه فحذفت لام التعليل ولا النافية وفيه تكلف. وأولى منه أن يجعل مفعولا لأجله على حذف مضاف أى كراهة أن يفقهوه ومعنى يفقهوه يعلموه والهاء عائدة إلى آيات ربه وذكرت وأفردت لأنها بمعنى القرآن.
{ وَفِى آذَانِهِمْ وَقْراً } صمما يمنعهم أن يستمعوه حق استماع وهو الاستماع الموصول للقلب المترتب عليه العمل بمقتضى المسموع وفى آذانهم معطوف على قوله: على قلوبهم ووقراً معطوف على أكنة عطف معمولين على معمولى عامل.
{ وَإِنْ تَدْعُهُمْ } يا محمد { إِلَى الْهُدَى } الحق والقرآن والوحى.
{ فَلَنْ يَهْتَدُوا } أى لن يطاوعوكم فيما دعوتموهم إليه لجعل الأكنة على قلوبهم والوقر فى آذانهم.
{ إذًا } جواب لدعائه صلى الله عليه وسلم إياهم وجزاء له على تقدير قوله: ما لى لا أدعوهم فإن حرصه على إيمانهم يدل عليه.
{ أَبداً } تحقيقاً لا تقليداً لأنهم لا يفقهون ولا يسمعون لجعل الأكنة والوقر المذكورين وذلك فى أقوام علم الله أنهم لا يؤمنون.