التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً
٨٠
-الكهف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ } قرأ بعضهم زيادة على ذلك وكان كافرا. وهذه القراءة وما مر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طبع الغلام على الكفر ومن حديث الخضر فى إظهاره كتابة على كتف الغلام أنهُ كافر لا يوجب الحكم على الصبى بالشرك والنفاق إذا رأيناه يفعل أو يقول ما هو شرك أو نفاق فى حق البالغ ولا بالبراءة لأن ذلك حكم غيب اطلع عليه الخضر ولم نتعبد بذلك.
وقرأ الجحدرى فكان أبواه مؤمنان على أن فى كان ضمير الشأن أو ضمير الغلام وأبواه متبدأ ومؤمنان خبره على لغة قصر المثنى.
{ فَخَشِينَا } هذا من كلام الخضر كما قبله وما بعده لا حكاية ويجوز أن يكون هذا إلى قوله رحما من كلامه حكاية عن كلام الله سبحانه وتعالى ويناسبه قراءة أُبىّ فخاف ربك.
وإن قلت: كيف صح إسناد الخشية والخوف إلى الله جل وعلا؟
قلت: على معنى قولك: كره كراهة من خاف سوء عاقبة أو خشيها وأما إذا كانت الخشية من الخضر لا حكاية فإنما خشى لأن الله سبحانه أعلمهُ بحال الغلام وأمره بقتله فظن أو تيقن أن قتله المأمور به قطع المفسدة يصير إليها لوحى حتى بلغ وقد فسر بعضهم الخشية باليقين وأكثر ما تكون عن علم بما يخشى منه وأصلها خوف يشوبه تعظيم.
{ أنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً } مجاوزة لحدود الله فى حقوق العباد أو مطلقا. { وَكُفْراً } لنعمه سبحانه وتعالى أو لنعمة أبويه فيعقهما. وتقدم الكلام على الإرهاق وعلى مفعوله الأول والثانى ومثله هنا ويزيد بأن المعنى أن يجعلهما داخلين الطغيان والكفر فيكون الهاء هو المفعول الأول. قيل: المعنى: خشينا أن يدعو أبويه إلى الكفر فيجيباه ويدخلا معه فى دينه من فرط محبتهما فيه.
وقيل: المعنى: خشينا أن يعمل أعمال السوء فيعلم أبواه بها ويرضيا أو يداهناه أو يعيناه فيدخلا النار. وقيل: المعنى: يقرن بإيمانهما طغيانه وكفره فى بيت واحد فيكفرا بسببه بعد الإيمان.
وقيل: المعنى: أن يجتمعوا فى بيت واحد فيكون عليهما بلاءٌ وشدة لأن معاشرة غير الجنس عذاب لأنه يدعو للكفر وهما يدعوان للإيمان.
وقيل: المعنى: أن يدخل عليهما عقوقاً لطغيانه وكفره فيلقيا منه مشقة فذكر الطغيان والكفر لأنهما سبب العقوق أو المراد أنهما نفس العقوق.