التفاسير

< >
عرض

فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً
٥٩
-مريم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ } بعد النبيين المذكورين جاء خلفهم، فمِن بَعْدِهم فيه توكيد.
{ خَلْفٌ } عقب سوء. وأما خلَف بالفتح فعقب صدق. هذا مشهور كلام العرب.
{ أَضَاعُوا الصَّلٰوةَ } وقرأ الحسن وابن مسعود والضحاك الصلوات بالجمع. قال ابن عباس: المراد اليهود، تركوا الصلاة المفروضة.
وقال إبراهيم ومجاهد: أخروها عن وقتها.
قيل: ويؤيد الأول قوله: { إلا من تاب وآمن }.
قلت: لا دليل فيه؛ فإن تأخيرها عن وقتها ترك لها يوجب التوبة، وتجديد الإيمان أعنى إصلاحه.
وعن عبادة بن الصامت عنه صلى الله عليه وسلم:
"إذا أحسن الرجل الصلاة قالت: حفظك الله كما حفظتنى، ورُفعت بيضاء برائحة. وإذا أساءها قالت: ضيعك الله كما ضيعتنى، وتلفُّ كما يلف الثوب الخَلَق، فيضرب بها وجهه" .
{ وَاتّبَعُوا الشَّهوَاتِ } قال ابن عباس: المراد اليهود، استحلوا إنكاح الأخت من الأب، وشربوا الخمور، وفعلوا ما تشتهيه أنفسهم، وأنهمكوا فى المعاصى.
ومن على: اتبعوا الشهوات: من بناء المشيد، وركوب المنظور، وليس المشهور.
وقيل: المراد اليهود والنصارى. يتناول معنى الآية كل من فَعل فِعل هؤلاء.
وعن قتادة: الآية فى هذه الأمة.
وقيل: قوم يظهرون فى آخر الزمان يتفاخرون فى الطرق والأسواق والأزقة.
{ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً } شرا. وكل شر عند العرب غى، وكل خير رشاد قال الشاعر:

فمن يَلْقَ خيرا يحمدِ الناسُ أمرهومن يَغْوَ لا يَعْدَمْ على الغىّ لائما

ويغو من باب علم أو باب ضرب. قال أبو زيد: الغى: الخسران ويكون بمعنى الضلال أى ضلال عن طريق الجنة.
وقال الزجاج: جزاء غى.
وعن ابن مسعود: واد فى جهنم بعيد القعر خبيث المطعم. وكذا قال ابن عمر.
وعن ابن عباس: واد فى جهنم تستعيذ منه جهنم أو أوديتها كل يوم - وقيل - كل وقت سبع مرات.
وقيل: واد فيها، بعيد القعر، خبيث الطعم، يسيل قيحا ودما.
وقيل: هو أبعدها قعرا وأشدها حرا. فيه بئر تسمى البهيم كلما خبت جهنم فتح الله تلك البئر فتستعِرُ بها جهنم. قيل: أُعد للزانى، وشارب الخمر، وآكل الرب والعاق، وشاهد الزور.
وقيل: الغى: العذاب وقرئ يُلقَوْن بالنباء المفعول.