التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً
٧٠
-مريم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا } بجهنم { صِلِيّاً } الباء متعلقة بأولى أو بصليا ولو كان مصدرا على ما مر. والذين صليهم بالنار أولى، أو هُم أولى بالصَّلْى هم المنزوعون.
والصلى مصدر أصلهُ صلوى كقعود أبدلت الواو ياء وأدغمت وأبدلت الضمة كسرة ومعناه الدخول والاحتراق والفعل صلى بكسر اللام وصلى بفتحها.
تنبيه: ما تقدم فى إعراب أَى هو الصحيح، وهو مذهب سيبويه قال ابن هشام - وخالفه الكوفيون وجماعة من البصريين -: لأنهم يرون أن أيا الموصولة معربة دائماً ولو أضيفت وحذف صدر صلتها.
قال الزجاج: ما تبين لى أن سيبويه غلط إلا فى موضعين هذا أحدهما، فإنه يسلم أنها تعرب إذا لم تضف فكيف إذا أضيفت.
وروى أن سيبويه أجاب بأنها لما خالفت أخواتها فى جواز حذف صلتها مطلقا غُيرت مؤانسة للتغير. وردَّ بإعرابها إذا لم تضف وحذف الصدر.
وعن الجرمى: إنى لم أسمع بين البصرة والكوفة وبين مكة من يقول: لأضرب أيهم قائم، بالضم. وزعم هؤلاء أن أيا فى الآية استفهامية مبتدأ خبرها أشد ومفعول ننزع محذوف عند الخليل تقديره: لننزعن الذين يقال فيهم: أيهم أشد. حذف الموصول وبعض الصلة.
وقال يونس: مفعوله جملة أيهم أشد علق بالاستفهام.
وقال الكسائى والأخفش: مفعوله كل بناء على جواز زيادة من فى الإثبات.
ورُدَّ بأن التعليق مختص بأفعال القلب وما جرى مجراها. ثم ظهر أنه أجاز التعليق فى غير فعل القلب وما جرا مجراه.
وردَّ قول الخليل بأنه لا يجوز لأَضرِبَنَّ الفاسقُ بالرفع على أن الأصل الذى يقال فيه: هو الفاسق. وقد يقال: إن الخليل يجيزه إلا إن قام الدليل على المنع.
ويرد تلك الأقوال غير قول سيبويه قوله: فسلم على أيهم أفضل، فى رواية الضم. فلو قيل: الأصل على الذين يقال فيهم: أيهم هو أفضل؟ لزم حذف المجرور ودخول الجار على بعض الصلة، ولا يقال ما بعدَ على مستأنفٌ؛ لأن ما بعد الجار لا يستأنف.
وجوز الزمخشرى وجماعة كون أى موصولة، وقدروا متعلق النزع: من كل شيعة، ثم قدر أنه سئل عن هذا البعض. فقيل: هو الذى هو أشد ثم حذف المبتدآن المكتنفان للموصول وهو بعيد؛ لأن فيه حذف مفعول ننزع فإن { من كل شيعة } ليس مفعوله حقيقة إلا إن أراد أن من التبعيضية اسم مضاف فهى المفعول، وأنّ فيه تقدير سؤال وحذف مبتدأين واجب، فإن كلا من ذلك جارٍ على القاعدة، وقول الخليل أبعد؛ لأن فيه حذف الموصول وبعض الصلة. ولو قدر فريقا لقال فيه الخ لكان أولى.
وقال أبو الحسن بن الطراوة: إن أيا موصولة مبنية مقطوعة عن الإضافة وصدر صلتها غير محذوف وهو هم المتصل بها.
ورُدَّ باتصال الهاء بالياء فى الخط إلا أن يقال: هو من الأشياء الخارجة عن القياس فى خط المصحف لكن الخروج خلاف الأصل، وبالإجماع إنها معربة إذا لم تضف.
وقرأ طلحة بن مصرف ومعاذ بن مسلم الهراء أستاذ الفراء بنصب أىّ على إعرابها وهى موصولة.