التفاسير

< >
عرض

فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١٨١
-البقرة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَمنْ بدَّلهُ }: أى بدل الإيصاء المعبر عنه بالوصية، أو الإيصاء المفهوم من الوصية، أو بدل ما ذكر من الوصية، أو يدل الموصى له المدلول عليه بالوصية، وبدل الحق المذكور فى قوله: { حقا على المتقين }. أو بدل المعروف: والتبديل التغيير، ويكون من الكاتب فى كتابه، ومن الأولياء والأوصياء بمحو ما فى الوصية والزيادة والنقص، ويكون فى القسمة، ويكون فى شهادة الشهود، ويكون من الموصى فى الوصية بلا عدل.
{ بَعْد ما سَمِعه }: عن الله أو عن الموصى أو عن الشهود، أو عن الكتابة، فالسمع التحقق أو العلم، ليشمل ذلك كله، وذلك مجاز لاستلزام السمع وتحقق الشئ والعلم به بحسب ما وصل سمعه وأدركه.
{ فإنَّما إثْمهُ }: أى إثم التبديل، أو إثم ذلك المبدل (بفتح الدال) أى الإثم المترتب على تبديله، والمبدل (بفتح الدال) هو ما عاد إليه الضمير فى بدله بأوجهه.
{ عَلى الَّذينَ يُبَدِّلونَهُ }: هم من بدله، فمقتضى الظاهر: فإنما إثمه عليه، فوضع الظاهر موضع المضمر، ليصرح بعلة الإثم وهى التبديل، والإثم المذكور كبيرة، والحصر فى الذين يبدلونه، لأنهم المباشرون للتبديل لكنه إضافى، أى لا يكون إثم التبديل إلا على الذى بدل، وأما إثم الأخذ فثابت أيضاً على من أخذ إذا لم يجز له الأخذ، مثل أن يوصى لعاص على معصيته، أو يربو، أو بأكثر من الثلث فيأخذ الأكثر بلا رضاً من الورثة ونحو ذلك مما لا يجوز، فإن الإثم فيه على من أخذ أيضاً، وعلى راض وشاهد ومنفذ وساع فى تسويغ ذلك، ولو بأقل القليل، والمشهور أنه لا إثم على من أوصى لوارث أو بأكثر من الثلث لغير وارث، إذا علم أن الأمر بعد إلى تجويز الورثة أو منعهم.
{ إنَّ اللَّهَ سَميعٌ }: لقول الموصى فى إيصائه، وبكل ما قال مبدل فى تبديله، وبكل شئ.
{ عَليمٌ } بكل فعل. وذلك وعيد للذين يبدلون، الموصين وغيرهم، بالعقاب على التبديل.