التفاسير

< >
عرض

فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ ٱلأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ
٢٥١
-البقرة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَهزَمُوهُم }: أى هزم طالوت ومن معه من المؤمنين، جالوت ومن معه المشركين، أى غلبوهم، وأصل الهزم الكسر.
{ بإذْنِ اللّهِ }: أى بإرادته وتأييده، فالباء من طريق باء الاستعانة أو أراد مصاحبين لنصره إياهم إجابة لدعائهم.
{ وَقَتَلَ داودُ جالُوتَ }: وكان داود قصيراً نحيفاً، وجالوت طويلا غليظا، قيل كان ظله ميلا لطون قامتة، وفى بيضة القتال التى يجعل على رأسه فى القتال ثلاثمائة رطل حديد، وكان يهزم الجيوش وحده، وكان رأس العمالقة وملكهم، وكان من أولاد عمليق ابن عاد، فأصله فى العرب وأمه بربرية، وقيل أصله البربر، واسم أبى داود إيشا، وكان ممن عبر النهر مع طالوت، ومعه ثلاثة عشر إبنا له، وقيل سبعة وداود أصغرهم، وكان يرمى بالقذافة، فقال لأبيه يوما يا أبت ما أرمى بقذافتى الا صرعته، فقال أبوه: أبشر يا بنى فان الله قد جعل رزقك فى قذافتك، ثم أتاه مرة أخرى فقال ل. يا أبتاء لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسداً رابضاً فركبته، فأخذت بأذنه لم يهجنى. فقال أبوه: أبشر يا بنى فإن هذا خيراً يريد الله بك، ثم أتاه يوما آخر فقال: يا أبتا إنى أمشى بين الجبال فاسج فما يبقى جبل الآسج معى: فقال: يا بنى أبشر فإن هذا خيراً أعطاكه الله، وأرسل جالوت الجبار إلى طالوت ملك بنى إسرائيل أن ابرز إلىَّ بنفسك أو أبرز إلى ما يقاتلنى فلكم ملكى، وإن قتلته فلى ملككم فشق ذلك على طالوت ونادى فى عسكره من قتل جالوت زوَّجته بنتى وناهفتهُ ملكى، فهاب الناس جالوت، فسال طالوت نبيهم أن يدعو الله فدعا الله بذلك، فأتاه مخلك بقرن فيه دهن القدس وتنور حديد، وقيل له: إن صاحبكم الذى يقتل جالوت هو الذى إذا وضع القرن على رأسه غلى حتى يدهن رأسه، ولا يسيل على وجهه، بل يكون كهيئة الإكليل، ويدخل فى هذا التنور فيملأه ولا يتقلل فيه، فدعا طالوت بنى إسرائيل وجربهم فلم يوافقه أحد منهم، فأوحى الله إلى نبيهم أن فى ولد إيشا من يقتل جالوت، فدعا طالوت إيشا وقال له أعرض علىَّ بنيك، فخرج له اثنا عشر أو ستة أمثال السوارى، فعرضهم على القرن فلم ير شيئاً، فقال إيشا: هل بقى ولد غير هؤلاه؟ فقال: لا. فقال النبى: يا رب قد زعم أن لا ولد له غيرهم، فقال له: كذب. فقال النبى: إن ربى قد كذبك: فقال إيشا: صدق ربى يانى الله إن لى ولدا صغيراً مسقاما اسمه داود، استحيب أن يراه الناس لقصر قامته، وحقارته، فجعلته فى الغنم يرعاها وهو فى شعب كذا، قيل وكان أصفر أزرق، فدعا به طالوت ويقال إنه خرج إليه فوجده فى الوادى، وقد سال الوادى ماء، وهو يحمل شاتين يعبر بهما المسيل إلى الزريبة التى يريح فيهما غنمه، فلما رآه طالوت قال: هذا هو الرجل المطلوب لا شك فيه، فإنه يرحم البهائم، فهو بالناس أرحم، فدعاه ووضع القرن على رأسه فنش وفاض، وقال له طالوت، هل لك أن تقتل جالوت وأزوجك ابنتى وأجرى خاتمك فى ملكى؟ قال: نعم. فقال له هل أنست من نفسك شيئاً تتفوى به على قتله؟ قال: نعم، أنا أرعى الغنم فيجئ الأسد أو النمر أو الذيب فيأخذ شاة من الغنم، فأقوم فأقوم فأفتح لحييه عنها وأخرقهما إلى قفاه. فأخذ طالوت داود فأدخله العسكر، ومر داود فى طريقه بحجر فناداه: يا داود احملنى فإنى حجر هارون الذى قتل به ملك كذا، فحمله، ثم مر بحجر آخر فقال له: يا داود احملنى فإنى حجر موسى الذى قتل به كذا وكذا، ومر بحجر فقال: احملنى فإنى حجرك الذى تقتل به جالوت، أى مع الحجرين قبله، فوضع الثلاثة فى مختلاته وتصاف العسكران، وقال جالوت من يبارزنى؟ فانتدب له داود عليه السلام فأعطاه طالوت فرساً وسلاحاً، فلبس السلاح وركب وسار قريبا، ثم رجع إلى طالوت فقال من حوله: جبن الغلام، فجاء فوقف على طالوت فقال له: ما شأنك؟ فقال له داود عليه السلام: لئن لم ينصرنى الله لم يغن عنى هذا السلاح شيئا، وإن نصرنى فلا حاجة لى به، فدعنى أقاتل كما أريد؟ قال: نعم. فأخذ مخلاته وتقلدها، وأخذ المقلاع بيده ومضى نحو جالوت، فلما نظر إليه جالوت وقع الرعب فى جالوت وقال له: أنت تبزلى؟ قال: نعم. وكان جالوت على فرس أبلق علبه السلاح التام، فقال: أتيتنى بالمقلاع والحجر كما يؤتى الكلب؟ قال: نعم، أنت شر من الكلب. قال جالوت: لا جرم لأقسّمن لحمك بين سباع الأرض وطير السماء. وقال داود: أو يقسم الله لحكمك. فقال داود باسم إله إبراهيم، وأخرج حجراً ثم قال باسم إله إسحاق، وأخرج حجراً ثم قال: باسم آله يعقوب، وأخرج حجراً ووضعها فى مقلاعه، فصارت حجراً واحداً وأدار المقلاع ورمى به جالوت، فسخر الله له الريح فحملت الحجر حتى أصاب أنف البيضة، فخلط دماغ جالوت، وخرج من قفاه. وقيل لما خرج تفتت بإذن الله عز وجل، حتى عم جنود جالوت، فلم يبق منهم أحد إلا أصابه فلق كرى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحفنة يوم بدر.
وروى أنه لما أراد البروز إلى جالوت قال لإخوته: هل يبرز إليه واحد منكم فسكتوا ولم يطيقوا. وروى أنه لما رماه بالحجر كسر البيضة من أنفها وخلص دماغه وخرج من قفاه، وقتل من ورائه ثلاثة عشر رجلا وخرَّ جالوت صريعاً قتيلا، فأخذه داود يجره حتى ألقاه. [سقط من الأصل هنا عدة أسطر] لا حاجة لابنتى فى المال، لا أكلفك ما لا تطيق، أنت رجل حربى وفى جبالنا أعداء لنا قلف، فإن قتلت منهم مائتى رجل وجئتنى بقلفهم زوجتك ابنتى، وأرَاد بذلك أن يكيده بأن تقتله الأعداء، فأتاهم فجعل كلما قتل منهم واحداً أنظم قلفته فى خيط حتى نظم مائتى قلفة، فجاء بها إلى طالوت والقاها بين يديه وقال: أدفع لى امرأتى، فزوجه ابنته بين يديه وقال: أدفع لى امرأتى، فزوجه ابنته وأجرى خاتمهُ فى ملكه، فمال الناس إلى داود وأحبوه، وأكثروا ذكره، فحسده طالوت.
قال وهب: كان الملوك يؤمئذ يتوكؤون على عصاة فى طرفها حديد، وكان بيد طالوت عصاة كذلك، وأعلاها رمانة ذهب، فدخل على داود فى بيته فرماه بها بغتة ليقتله، وحذره داود فمال هو فى مكانه فغرزت بالجدار، فقال له داود: تعمدت قتلى؟ فقال طالوت: لا بل أردت أن أوفقك على ثباتك الطعان وربط جأشك للأقران، قال داود: فلقيتنى، كما قدرت بى. قال: نعم، ولعلك فزعت؟ قال: معاذ الله أن أخاف إلا الله، ولا نرجو إلا الله، ولا يدفع الشر إلا الله، وانتزعها داود من الجدار، ثم هزها هزة منكرة، وقال له أثبت كما ثبتّ لك، فأيقن طالوت بالهلاك، فقال: أنشدتك الله بالحرمة التى بينى وبينك، وإنما أراد داود تخويفه، فقال داود: إن الله تعالى كتب فى التوراة أن جزاء السيئة مثلها، واحدة بواحدة، والبادى أظلم. فقال طالوت: أفلما تقول قول هابيل لأخيه قابيل:
{ لئن بسطت إلى يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إنى أخاف الله رب العالمين } فقال داود: إنى عفوت عنك لوجه الله العظيم. ثم بعد ذلك أراد قتله، فأخبر بذلك ابنة طالوت رجل يقال له ذو العينين فأخبرت بذلك داود، وقالت له: إنك مقتول الليلة. قال: ومن يقتلنى؟ قالت: أبى. قال: وهل أجرمت جرماً يوجب القتل؟ قالت: حدثنى بذلك من لا يكذب، ولا عليك أن تغيب الليلة حتى تنظر مصداق ذلك فقال إن كان يريد ذلك فلا أستطيع خروجاً ولكن ائتينى بزق خمر، فأتته به فوضعه فى مضجعه على سريره وسجاه، ودخل تحت السرير، فدخل طالوت نصف الليل، فقال لابنته: أين بعلك؟ قالت: هو نائم على سريره، فضربه بالسيف فسال الخمر، فلما وجد ريح الخمر قال: يرحم الله داود ما أكثر شربه للخمر، وخرج، فلما أصبح علم أنه لم يفعل شيئاً، فقال: إن رجلا طلبت منه ما طلبت فحقيق ألا يدعنى حتى يدرك بثأره منى، فاشتد حجابه وحراسته، وأغلق دونه أبوابه، ثم إن داود أتاه ليلة وقد هدأت العيون، وأعمى الله عنه الحجبة، ففتح الأبواب ودخل عليه وهو نائم على فراشه، فوضع سهماً عند رأسه وسهما عند رجليه، وسهما عن يمينه، وسهما عن شماله، وخرج، واستيقظ طالوت فعرف بالسهام فقال: يرحم الله داود هو خير منى، ظفرت به قصدت قتله وظفر بى فكف عنى، ولو شاء لوضع هذا السهم فى حلقى، وما أنا بالذى آمنه، فلما كان من الليلة القابلة أتاه ثانيا، فأعمى الله عنه الحجاب، فدخل عليه وهو نائم فأخذ إبريق وضوئه وكوزه الذى يشرب منه، وقطع شعرات من لحيته، وشيئا من طرق ثوبه، وتوارى، فلما أصبح طالوت، ورأى ذلك، سلط على داود العيون وطلبه أشد الطلب، فلم يقدر عليه أحد، ثم إن طالوت ركب يوماً فوجد داود يمشى فى البرية، فقال: اليوم أقتله. وركض فى أثره، فاشتد داود فى عدوه، وكان إذا اشتد لم يُدرَك، فدخل فى غار، فأوحى الله إلى العنكبوت فنسجت عيله، فلما انتهى طالوت إلى الغار ونظر إلى نسج العنكبوت قال لو دخل هنا لتخرق هذا النسيج فانطلق طالوت وتركه؛ فخرج داود حتى أتى جبل المتعبدين فتعبد معهم؛ وطعن العلماء والعباد على طالوت فى شأن داود؛ فجعل طالوت لا ينهاه أحد عن قتل داود إلا قتله، فقتل خلقاً كثيراً من العلماء والعباد فى شأن داود حتى أتى بامرأة تعلم الاسم الأعظم فأمر خبازه بقتلها فرجمها الخباز فلم يقتلها وقال: لعلنا نحتاج إلى عالم فتركها، ثم وقع فى قلب طالوت التوبة والندم على ما فعل، وأقبل على البكاء حتى رحمه الناس، وكان كل ليلة يخرج إلى القبور ويبكى وينادى: أنشد الله عبداً يعلم لى توبة إلا خبرنى بها، فلما كثر منه ذلك ناداه مناد من القبور: يا طالوت أما ترضى أنك قتلتنا حتى تؤذى موتانا، فازداد حزنا وبكاء، فوجه الخباز إلى طالوت لما رأى من حاله قال: مالك أيها الملك؟ فأخبره وقال: هل تعلم لى توبة أو تعلم فى الأرض علما أسأله عن توبتى فقال له الخباز: أيها الملك هل تدرى ما مثلك إنما مثلك مثل ملك نزل قرية عشاء فصاح الديك قتطير منه، فقال: لا تتركوا ديكاً فى هذه القرية إلا ذبحتموه، فلما أراد أن ينام قال لأصحابه: إذا صاح الديك فأيقظونى حتى ادلج فقالوا له: هل تركت من ديك يسمع صوته؟ وهل تركت عالما؟ وإن دللتك على عالم يوشك أن تقتله فقال لا فتوثق منه باليمين فأخبره أن تلك المرأة العالمة عنده، فقال: انطلق بى إليها لأسألها عن توبتى. قال: نعم. فانطلق به، فلما قرب من الباب قال له الخباز أيها الملك إنها إذا رأتك فزعت ولكن ائت خلفى. فلما دخلا عليها قال لها الخباز، يا هذه ألست تعلمين حقى عليك؟ قالت: بلى قال. فإن لى إليك حاجة تقضيها. قالت: نعم. قال: هذا طالوت قد جاءك يسأل هل له من توبة؟ فلما سمع بذكر طالوت غشى عليها، فلما أفاقت قال: والله لا أعلم لهُ توبة، ولكن دلونى على قبر نبى، فانطلق بها إلى قبر أشموئيل، فوقفت عليه ودعت، وكانت تعلم الاسم الأعظم، ثم نادت يا صاحب القبر، فخرج ينفض التراب عن رأسه، فلما نظر إلى ثلاثتهم قال: ما لكم أقامت القيامة؟ قالت المرأة: لا ولكن هذا طالوت قد جاء يسألك هل له من توبة؟ فقال أشموئيل: يا طالوت كم لك من الولد؟ قال: عشرة رجال. قال: ما أعلم لك توبة إلا أن تتخلى من ملكك، وتخرج أنت وولدك فى سبيل الله، ثم تقدم ولدك حتى يقتلوا بين يديك ثم تقاتل أنت حتى تقتل آخرهم. ثم إن أشموئيل سقط ميتاً، ورجع طالوت أحزن ما كان رهبة ألا يتابعه بنوه على ما يريد، وكان قد بكى حتى سقط أشفار عينيه، ونحل جسمه، فجمع أولاده وقال لهم: أرايتم لو دفعت إلى النار هل كنتم تنقذونى منها؟ فقالوا: بلى ننقذك بما نقدر عليه. فإنها النار إن لم تفعلوا ما آمركم به: قالوا: اعرض علينا ما أردت فذكر لهم القصة، قالوا: أو إنك لمقتول؟ قال: نعم. قالوا: فلا خير لنا فى الحياة بعدك، قد طابت أنفسنا بالذى سألت، فتجهز هو وولده وخرج طالوت مجاهداً فى سبيل الله، فقدم أولاده فقاتلوا حتى قتلوا، ثم شدهو من بعدهم فقاتل حتى قتل: وجاء قاتل طالوت إلى داود فبشره بقتله، وقال له: قد قتلت عدوك. فقال له داود: ما أنت بباق بعده، وقتله، فكان ملك طالوت إلى أن قتل نحو أربعين سنة، فملك بنو إسرائيل بعده داود على أنفسهم، وأعطوه خزائن طالوت. قال الضحاك والكلبى وملك داود بعده سبع سنين، ولم تجتمع بنو إسرائيل على ملك واحد إلا على داود.
{ وآتاهُ اللّهُ }: أى داود.
{ الملْكَ والحِكمةَ }: أى النبوة بعد موت أشموئيل، وطالوت، ولم يجتمعا لأحد قبله، وكان قبل ذلك النبوة فى سبط والملك فى سبط، وقيل: الحكمة العمل المعمول به وقيل الزبور.
{ وعَلَّمهُ ممَّا يشاء }: كعمل الدروع وسردها، وكلام الدواب والطير والنمل، وكيفية الحكم والفصل، والصوت الحسن، ويموت الناس من حسنه، وتدنو الوحش حتى تؤخذ باليد، وتظل الطير مصيحة، ويسكن الماء والريح، وأعطاه السلسلة، ويأتى ذكرها فى سورة ص إن شاء الله.
{ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم }: وهم المشركون وهو بدل بعض من الناس، وقرأ غير نافع دفع الله بفتح الدال وإسكان الفاء هنا وفى الحج، والمفاعلة فى قراءة نافع الموافقة المجرد الذى فى قراءة الجمهور أو لتأكيد الدفع.
{ بِبَعْضٍ }: هم المسلمون يدفع بهم المشركين وينصرهم على المشركين فى القتال وإقامة حجة دين الله.
{ لَفَسَدتِ الأرْضُ }: بالشرك. وبقتل المشركين للمسلمين، وتخريب مساجدهم، وفعلهم كل ما لا يحل من أنواع الظلم وغيره، أو لفسدت يشؤمهم، فتنقص ثمارها وتموت دوابها، وتزول بركتها، ويفسد النسل والوجه الأول هنا مع التفسير المذكور فى بعضهم ببعض هو قول ابن عباس، وقيل: ولولا دفاع الله الناس بعضهم العصاة مشركين وغيرهم ببعض هم المسلمون المطيعون لفسدت الأرض بالمعاصى والظلم والجهل والجور، وقيل ولولا دفاع الله المؤمنين والأبرار عن الكفار والفجار، لفسدت الأرض بهلاك كفارها ومجارها، أى هلكت، لأن الله كتب أن تعمر الدنيا بالمؤمنين والكافرين معا، قال بعض المفسرين. يبتلى المؤمن بالكافر، ويعافى الكافر بالمؤمن، وعن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لمن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة (من) أهل بيته وجيرانه البلاء، ثم قرأ: { ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض }"
. { ولكِنّ اللّهَ ذو فَضْلٍ عَلَى العَالَمينَ }: بذلك الدفاع وغيره من الإنعام حتى الكافر المفسد قد عمه الفضل فى الدنيا بذلك الدفاع وغيره، فإن الكف عن الفساد مصلحة له أيضاً.