التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٦٤
-البقرة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ }: أعرضتم عن الطاعة وقبول التوراة والعمل بها، سمى ترك الطاعة والقبول والعمل باسم الإعراض بالجسد عن الشىء، وذلك الاسم هو التولى تشبيها لترك ذلك بعد الدخول فيه بالإعراض بالجسد عن الشىء بعد الإقبال عليه، فاشتق من التولى بمعنى الترك، تولى بمعنى ترك على طريقة الاستعارة التحقيقية التصريحية التبعية.
{ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ }: بعد أخذ الميثاق منكم على الطاعة والقبول والعمل.
{ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ }: بالتوفيق للتوبة أو بتأخير العذاب أو بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأنه يرشدكم للحق، لم يعاجل أسلافكم بالاستئصال ليكون من ذريتهم من يؤمن بالله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
{ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ }: أى لكان أسلافكم من الخاسرين كلهم، أى معذبين فى الدنيا والآخرة، أو هالكين فإن من هلك بعذاب الله وعذب فى الدارين مغبون بدنياه وأخراه، أو الخسارة غبن أو كنتم أنتم خاسرين بالانهماك فى المعاصى، أو بالخبط والضلال فى الفترة، فلما أحيا سلفكم ولم يستأصلهم كان تذكراً لبعضهم وتداركاً، وتوالدوا على ذلك حتى خلقكم وأنعم عليكم بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولولا حرف امتناع لوجود يمتنع جوابها لوجود تاليها، والمرفوع بعدها مبتدأ خبره واجب الحذف لقيام الجواب مقامه ودلالة الكلام عليه، وذلك عند سيبويه وذلك مبسوط فى النحو. وقال الكوفيون: فاعل لفعل محذوف. أى لولا ثبت فضل الله عليكم ورحمته.