التفاسير

< >
عرض

فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ
٦٦
-البقرة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَجَعَلْنَاهَا }: أى المسخة المدلول عليها (بكونوا قردة) إلى العقوبة أو الأمة التى مسخت أو القردة أو القرية، لأن معنى الكلام يقتضيها أو أو الكينونة المدلول عليها بكونوا.
{ نَكَالاً }: زجراً وتخويفاً بالعقاب، كما يقال: نكل الخصم عن اليمين إذا أهابه وتركه، أو عبرة تنكل المعتبر أى تمنعه من ارتكاب ما نهى عنه، ومنه سمى القيد نكالا.
{ لما بين يديها }: لما قبلها من الأمم السابقة لهؤلاء الممسوخين، لأنه سبحانه وتعالى أنزل فى كتب من قبلهم أنهم سيسمخ قوم من بنى إسرائيل بسبب اعتدائهم بصيد حرم عليهم، فيتعظ من علم بذلك قبلهم.
{ وَمَا خَلْفَها }: ما بعدها من الأمم، لأن قصتهم مشهورة فيتعظ بها من تبلغه، وقال السدى: ما بين يديها ما بين يدى المسخة وما قبلها من ذنوبهم، وما خلفها ما بذنب من الذنوب بعدهم مثل ذنبهم، وقيل لما بين يديها من الأمم التى فى زمانها وما خلفها ما يجئ من الأمم بعد، وقيل: ما بين يديها من حضرها من الناجين، وما خلفها من يجئ بعدها، وقال ابن عباس: ما بين يديها من القرى الحاضرة فى زمانها، وما خلفها ما يحدث من القرى بعدها، وقيل: ما بين يديها ما قرب من القرى، وما خلفها ما بعد عنها من القرى، وما بين يديها أهل تلك القرية، وما خلفها ما حواليها أو مابين يديها من فى زمانهم وما خلفهم من يجئ بعدهم، وفى بعض ذلك وقوع ما موضع من تحقيراً لمن يذنب من حيث الذنب قبيح، ولو كان يتوب، أو تحقيراً لهؤلاء الممسوخين أن يذكر اسم العاقل فى قصتهم، وبين فى بعض تلك الأوجه للزمان، وفى بعض للمكان، وإن قلت كيف صح تفسير ما بين يديها بما سبقها مع قوله: { فجعلناها } بالفاء؟ قلت: هى للترتيب الذكرى أو بمعنى الواو.
{ وَمَوْعِظَةً }: زجراً.
{ لِلْمُتَّقِينَ }: الذين نجوا من أهل القرية، وقالت فرقة: امة محمد صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يكون على العموم بمعنى كل متق من كل أمة، وخص المتقين لأنهم المنتفعون بها والله أعلم.