التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً
١١٥
-طه

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ } أى أنهينا وأوصلنا إليه أن لا يقرب الشجرة ولا يأْكل منها يقال: تقدم السلطان إلى زيد وأوعز إليه وعزم عليه، وعهد إليه إذا أمره وأوصاه والواو للاستئناف واللام فى جواب قسم محذوف وحرف القسم يقدر غير الواو وذلك لئلا يجتمع واوان. ويجوز تقديرها كما تقول بعد كلام: ووالله.
وقيل: الواو عاطفة على صرفنا فيه من الوعيد، لأن القسم ولو كان إنشاء لكن الغرض جوابه وما هو إلا تأكيد لجوابه، وجوابه هنا إخبار. وأجاز كثير عطف الإنشاء على الإخبار والعكس.
وقيل: اللام للابتداء.
وقيل: زائدة للتأكيد، وهكذا فى مثل ذلك.
{ مِنْ قَبْلُ } من قبل هذا الزمان، أو من قبل هؤلاء الذين نقضوا عهدى وتركوا الإيمان بى، وهم المذكورون بقوله:
{ { لعلهم يتقون } أو من قبل أكله من الشجرة.
{ فَنَسِىَ } ترك ما عهدنا إليه من آنه لا يأكل منها، أو لم يعتن بالعهد الاعتناء الصادق حتى زال من حافظته وقال عياض: نسى عداوة إبليس والعهد.
وقيل: لم يقصد المخالفة بل اغتر بحلف إبليس.
وقيل: ناولته من الشجرة حواء ولم يعلم أن ما ناولته من الشجرة المنهى عنها فالتصنيف من ترك التحفظ.
وقيل: نسى ترك لأنه توهم أن النهى نهى تنزيه لا نهى تحريم وفى ذلك إشارة إلى أن أساس بنى آدم العصيان وعِرقهم راسخ فى النسيان كأنه قال: قد أوعدنا إياهم على الأكل منها من قبل أن نوعدهم على المعاصى والشرك فخالف إلى ما نهى عنه بالترك أو بالغفلة.
وقرئ فنُسِّىَ بالبناء للمفعول وتشديد السين أى حمله الشيطان على الغفلة أو الترك.
{ وَلَمْ نِجِدْ لَهُ عزْمًا } من الوجود الذى هو ضد العدم، فله مفعول واحد وهو عزما. وأما قوله فمتعلق به، أو حال من عزما ولو نكرة لتقدم له عليه ولتقدم النفى أو من الوجود الذى بمعنى العلم فله مفعول ثان وعزما مفعول أول.
والعزم: الثبات على الأمر والتصلب فيه ولو كان فى ذلك الوقت إثبات وتصلب لم يزله الشيطان وبعد ما جرب الأمور وذاق حلوها ومرها تصلب وثبت كما قال صلى الله عليه وسلم:
"لو وزنت أحلام بنى آدم بحلم آدم لرجح حلمه" .
وفى رواية: وقد قال سبحانه وتعالى: { ولم نجد له عزما } وعليها فالحديث فى نقيصة الخليقة، أى أن الإنسان بالغاً ما بلغ قد يطفئ الشيطان نور عقله ويغره أو المعنى عزمًا على معصية ولكنه أخطأ.