التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ
١١٦
-طه

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وإِذْ } مفعول لمحذوف أى اذكر.
{ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا } اختلفوا هل شمل الأمر إبليس فمن زعم أنه ملَك قال بشموله.
ونسب بعض أصحابنا مَن قال ذلك للشرك وليس بشئ، لأنه تأول، ولأنه قد نسب القول بذلك إلى بعض الصحابة ومَن قال: ليس منهم قال: شمله تغليبا لأنه مع الملائكة محلا وعبادة.
وقيل: لم يشمله إلا بالتقدير، أى وإذ قلنا للملائكة وإبليس.
{ لآدَمَ } أى لخالق آدم، أو السجود لآدم اعتراف بفصله، أو سجود لله إلى جهة آدم كالكعبة.
قيل: المعنى اذكر حاله فى ذلك الوقت ليتبين لك أنه نسى ولم يثبت ويتصلب.
{ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ } التحقيق أن الاستثناء متصل؛ لأن إبليس ولو كان جنيًّا لكنه قد جعل من الملائكة تغليبًا. وهو أبو الجن. وإنما صح أن يقال له: جنى، ومن الجن؛ لأن أبا القبيلة منهم. وذلك أنهم يعتبرون وأبوهم جملة. فيقال للأب: هو من تلك الجملة وينسب إليها وفى استثنائه دم عظيم، مثل أن يُقْبِل إلى المجلس عظيم فيقوم له مَن فى المجلس من الأشراف، وكان معهم رجل دنِىّ ولم يقم له فإنه يعنف تعنيفًا شديدًا، ويقال له: قد قام فلان وفلان فمن أنت حتى تتكبر عن القيام وفيه أيضًا تلويح بأَنه ليس من أهل الفضل ولو كان من أمله لعرف لآدم فضله إنما يعرف أهلَ الفضل ذووه.
{ أَبَى } كره أن يسجد فلم يسجد، أو امتنع من السجود. ويدل على هذا المتعلق وذلك المفعول قوله: اسجدوا وقوله: فسجدوا إلا إبليس والجملة حال مؤكدة؛ فإن استثناءه من الساجدين يكفى فى أنه لم يسجد.
وقيل: لجملة مستأنفة لبيان المانع من السجود وهو الاستكبار وأنه لا يقدَّر مفعول ولا متعلق. وأن المعنى أظهر الإباء عن المطاوعة. ولعل وجه دلالة أبّى على المنع أن الإباء عن المطاوعة غالبًا يكون عن تكبر أو أن أبَى متضمن معنى قوله: أنا خير منه.