التفاسير

< >
عرض

وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ
١٣٢
-طه

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَأْمُرْ } الواو للاستئناف، أو للعطف على أحد الإنشاءات قبل، أعنى الطلب. والألف هى ألف يأمر وهى الهمزة فى الماضى.
والأصل: وأمر بهمزة وصل مضموم فواو ساكن. أصله همزة ساكنة، وهى المفتوحة فى الماضى، حذفت همزة الوصل، لتقدم متحرك عليها، فقلبت الواو ألفا. فانظر شرحى على اللامية.
{ أَهْلَكَ } مَن فى دارك.
وقيل: أمتك.
وقيل: المراد من تبعه من أمته.
{ بِالصَّلٰوةِ } أُمر بأن يأمرهم بها بعد ما أُمروا بها، استعانة على خَصاصتهم، ولئلا يهتموا بأمر المعاش، ولا يلتفتوا لأرباب الثروة.
{ وَاصْطَبِرْ } اصبر صبرا عظيما عليها، أو افتعل لموافقة المجرد.
وقيل: داوم { عَلَيْهَا } فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر. والوعظ بلسان الفعل أبلغ منه بلسان القول.
{ لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا } لا نسألك أن ترزق نفسك ولا أهلك.
وقيل: لا نسألك على ما أعطيناك من النبوة رزقا.
{ نَحْنُ نَرْزُقُكَ } متفرغ للعبادة؛ فإن من كان فى عمل الله كفى الله له عمله.
وكان عروة بن الزبير إذا رأى شيئا مما عند السلاطين، أو سمع به، بادر إلى منزله ودخله، وهو يقرأ: { ولا تمدَّنّ - إلى - أبقى } ثم ينادى: الصلاة الصلاة يرحمكم الله، ويصلى.
وكان عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلى، ويتمثل بالآية.
وكذا بكر بن عبد الله المزنى كان إذا أصاب أهلَه خصاصةٌ قال: قوموا فصلوا. بهذا أمر الله ورسوله ثم يتلو الآية.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أصاب أهلَه ضرٌّ أمرهم بالصلاة، وتلا الآية. رواه عبد الله بن سلام.
قال ابن عطاء الله: اعلم أن هذه الآية علّمت أهل الفهم عن الله سبحانه كيف يطلبون أرزاقهم. إذا توقفت عليهم أسباب المعيشة أكثروا من خدمة الله، وقرعوا باب الرزق بمعاملة الرزاق.
قال: وسمعت شيخنا أبا العباس المرسى يقول: والله ما رأيت العز إلا فى رفع الهمة عن الخلق. واذكر - رحمك الله - هنا:
{ { ولله العزة ولرسوله } ففى العز الذى أعز الله به المؤمن رفع همته إلى مولاه وثقته به دون من سواه، واستَحِ من الله بعد أن كساك حلة الإيمان، وزيَّنك بزينة العرفان، أن تستولى عليك الغفلة والنسيان، حتى تميل إلى الإخوان، وتطلب من غيره وجود إحسان.
ثم قال: رفع الهمة عن الخلق هو ميزان ذوى الكمال، ومسيار الرجال. وكما توزن الذوات توزن الأحوال والصفات اهـ.
وعن ابن عمر:
"أتى رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله حدثنى حديثا موجزا فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: صل صلاة مودِّع كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك. وايْأَس مما فى أيدى الناس تعشْ غنيا. وإياك وما تعتذر منه." روى مثله أبو أيوب.
{ وَالْعَاقِبَةُ } الجنة { لِلْتَّقْوَى } لذوى التقوى.