التفاسير

< >
عرض

فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ
٧٨
-طه

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ } خرج موسى بعباد الله أول الليل فأخبر فرعون بذلك، فقص أثرهم وأتبع لموافقة المجرد، أى تبعهم والباء للمصاحبة أو معاقبة لهمزة التعدية متعلقة بأتبع ويجوز على المصاحبة تعليقها بمحذوف حال.
ويؤيد ذلك قراءة بعضهم فتبعهم أو الهمزة للتعدية والمفعول الأول محذوف، أى أتبعهم نفسه، والباء للمصاحبة؛ أو المفعول الأول هو جنود زيدت فيه الباء.
وإنما قلت: المفعول الأول نفسه أو جنود أى والثانى الهاء قبل الميم قدمت لأنه وجنده فاعلان معنى لأنهما تابعان وفى خروج فرعون تحريض لجنده، وقال ابن هشام: زيادة الباء فى مفعول ما يتعدى لاثنين قليلة.
{ فَغَشِيَهُمْ } أى أصاب فرعونَ وجنودَه قيل: أو الضمير لجنوده.
{ مِنَ الْيَمِّ } بحر القلزم. وزعم بعضهم أنهم غرقوا فى بحر النيل.
{ مَا غَشِيَهُمْ } أبهم الصلة تهويلا ومبالغة وفى الكلام اختصار، أى أصابهم ما سمعت قصته وهو الغرق، ولا يعرف كنهه إلا الله سبحانه وكانت جنوده قيل أربعين ألف ألف.
قال ابن هشام: شرط الصلة أن تكون معهودة أى للمخاطب إلا فى مقام التهويل والتفخيم فيحسن إبهامهما نحو { فغشيهم من اليم ما غشيهم }
وقال الرودانى: الصلة أبدا تكون معهودة إما خارجاً وإما ذهناً. والآية من تعريف الحقيقة فى ضمن كل فرد فهى من العهد الذهنى ويجوز أن تكون من الخارجى أى الذى يعرف فى الخارج أنه غشيهم؛ فإن المعهود خارجا يجوز كونه مجملا كما يكون مفصلا ومن للابتداء أو للظرفية، وأجيز كونها للبيان من ما فيتعلق بمحذوف حال منها.
وقرئ فغشاهم من اليم ما غشاهم بالتشديد، أى غطاهم وعليه فالفاعل ما كما فى القراءة الأولى.
ويجوز كونه على القراءتين ضميرا مستترا لله سبحانه، أو لفرعون لعنه الله؛ لأنه سبب هلاكهم. وعليه فما مصدرية، والمصدر مفعول مطلق، أو اسم واقع على المصدر مفعول مطلق. وعلى التشديد يجوز كونه مفعولا أول، أخِّر بناء على أن التشديد للتعدية لا للتوكيد.